الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي ـ أولا أيتها الأخت السائلة ـ أن المرء إنما يكون مذنبا إذا أخل بأمر واجب وهو قادر على الإتيان به، أو وقع في أمر محرم وهو غير مضطر إلى الوقوع فيه، والعلم الشرعي منه ما هو واجب على الأعيان، ومنه ما هو واجب على الكفاية، ومنه ما هو مستحب، كما فصلناه في الفتويين رقم: 11280, ورقم: 123456.
فما كان واجبا على الأعيان وجب عليك المبادرة بتعلمه ولا يجوز أن تقدمي عليه شيئا من العلوم الدنيوية ويتضيق الوجوب عند إرادة العمل، قال القرافي في الفروق: فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عينه الله وشرعه في البيع، ومن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله تعالى في الإجارة، ومن قارض وجب عليه أن يتعلم حكم الله في القراض، ومن صلى وجب عليه أن يتعلم حكم الله في تلك الصلاة، وكذلك الطهارة وجميع الأقوال والأعمال. انتهى.
وما كان غير واجب على الأعيان فلا حرج عليك في تقديم العلم الدنيوي عليه، وطلب العلم الدنيوي النافع يعتبر من فروض الكفايات التي لا بد أن يوجد في الأمة من يقوم بها, ويؤجر عليه الإنسان إن احتسب فيه النية الصالحة بأن ينوي به نفع الإسلام والمسلمين وأن يغنيهم عن الاستعانة في ذلك العلم بالكافرين، وانظري المزيد عن فضل تعلم العلوم الدنيوية النافعة في الفتويين رقم: 148375، ورقم: 62896.
فإذا تأملت ما ذكرناه عرفت متى تكونين مذنبة في التقصير في تعلم العلم الشرعي ومتى تكونين محسنة في تعلم العلوم الدينوية.
والله أعلم.