الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستماع للقراءة والقراءة في آن واحداً أمر مناف للتدبر في القرآن، والتمعن في معانيه، وهو ثمرة التلاوة، وروح القراءة مع المخالفة للأمر بالاستماع والانصات عن القراءة في قوله عز وجل: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [لأعراف:204] .
أما مجرد استماعه من شخص آخر، فهو أمر مستحب، فقد استمع النبي صلى الله عليه وسلم للقراءة من غيره، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرأ علي. قلت: أقرأ عليك، وعليك أنزل!. قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت سورة النساء حتى بلغت (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) قال: أمسك، فإذا عيناه تذرفان" .
وكان السلف رحمهم الله تعالى يقولون: ما الرحمة إلى أحد بأسرع منها إلى مستمع القرآن، لقول الله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [لأعراف:204] ولعل من الله واجبة.
و سماع القرآن من شخص مثل سماعه من أي آلة باعتبار الاستماع والتدبر، لكن استماعه لا يغني عن تلاوته التي حث عليها الشارع، ورغب فيها وجعل تلاوة كل حرف منه بعشر حسنات، إذا فلا ينبغي للمسلم أن يهجر تلاوة القرآن.
ثم إن مجرد الاستماع من آلة التسجيل من أوله إلى آخره لا تكون في الأجر كختم القرآن تلاوة.
والله أعلم.