الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيشرع للمرء أن يستعيذ بالله من الشيطان في جميع أحواله ويتأكد ذلك عند وسوسة الشيطان، كما قال تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {200}.
ويتعين عليه الكف عن الاسترسال في الوسوسة، والانتهاء عنها بقطع حبالها ومتعلقاتها، مستعيناً على ذلك بالاستعاذة بالله من شر الشيطان الرجيم، فعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء. رواه الترمذي.
وأخرج مسلم عن عثمان بن أبي العاص قال: قلت يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسهما علي، فقال: ذلك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً. وبهذا يعلم أنه ينبغي الجمع بين التعوذ والكف عن الاسترسال في الوسوسة، فالإعراض عن الوساوس هو أنجع وسائل علاجها، ومن وسائل النجاح في الإعراض عنها أن تشغل نفسك ووقتك وطاقتك بما ينفع من تعلم علم نافع، أو عمل صالح، أو خدمة منتجة، أو تسلية مباحة، ويتعين كذلك أن تخالط صحبة صالحة تعينك على الخير وتدلك عليه وتعينك على الشيطان وتمنعك من الإنفراد به، كما ننصحك بمراجعة طبيب نفسي للنظر في أمرك.
والله أعلم.