الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على العبد أن يترك ما حرم الله تعالى سواء قال ما قاله الأخ السائل، أو لم يقله، لكن قول هذا القائل: إني أقر أني سأترك كذا وكذا ـ لا يلزم به شيء، لأنه لم يتلفظ بلفظ مشعر بالالتزام، كقول لله علي كذا، أو نذرت لله كذا، أو أعاهد الله على كذا، فإن كان قد عاهد الله على الترك، أو نذر الترك بلفظ مشعر بالالتزام فالأحوط أن يكفر كفارة يمين إن فعل ما عاهد الله على تركه مع وجوب التوبة إلى الله تعالى، وانظر الفتوى
رقم: 38935
هذا ولاينعقد اليمين والنذر بمجرد الكتابة، بل لا بد من التلفظ باللسان باللفظ الدال على انعقاد اليمين، أو النذر وانظر الفتوى رقم: 146229.
وأما الإقسام على الله تعالى أن يزوجه فلانة: فإن الإقسام على الله تعالى نوعان، أحدهما ناشئ عن الثقة بالله وقوة الإيمان به وحسن الظن به وصدق التوكل عليه، فهذا جائز، والثاني ناشئ عن إعجاب المرء بنفسه فهذا غير جائز، قال العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ مبينا حكم الإقسام على الله تعالى: والإقسام على الله نوعان: أحدهما: أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله عزوجل وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء، فهذا جائز ودليله قوله، صلى الله عليه وسلم: رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ـ ودليل آخر واقعي وهو حديث أنس بن النضر حينما كسرت أخته الربيع سناً لجارية من الأنصار، فطالب أهلها بالقصاص فطلبوا إليهم العفو فأبوا، فعرضوا الأرش فأبوا، فأتوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأبوا إلا القصاص، فأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالقصاص فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يا أنس كتاب الله القصاص ـ فرضي القوم فعفوا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ـ وهو - رضي الله عنه - لم يقسم اعتراضاً على الحكم وإباءً لتنفيذه، فجعل الله الرحمة في قلوب أولياء المرأة التي كسرت سنها فعفوا عفواً مطلقاً عند ذلك، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ـ فهذا النوع من الإقسام لا بأس به.
النوع الثاني: من الإقسام على الله: ماكان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس وأنه يستحق على الله كذا وكذا، فهذا ـ والعياذ بالله ـ محرم، وقد يكون محبطاً للعمل، ودليل ذلك أن رجلاً كان عابداً وكان يمر بشخص عاصٍ لله، وكلما مر به نهاه فلم ينته، فقال ذات يوم: والله لا يغفر الله لفلان ـ نسأل الله العافية ـ فهذا تحجر رحمة الله، لأنه مغرور بنفسه، فقال الله عزوجل: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟ قد غفرت له وأحبطت عملك ـ قال أبوهريرة: تكلم بكلمة، أوبقت دنياه وآخرته. انتهى.
ولبيان حكم الدعاء بالزواج بامرأة معينة انظر الفتوى رقم 105243.
والله أعلم.