الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلابد في توافر شروط معينة في المجتهد, وقد نبه عليها أهل العلم وبينوها بيانا تاما, ونكتفي هنا بما ذكره العلامة الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في مذكرته في أصول الفقه, قال عليه الرحمة: وشروط المجتهد إحاطته بمدارك الأحكام المثمرة لها من كتاب وسنة وإجماع واستصحاب وقياس ومعرفة الراجح منها عند ظهور التعارض وتقديم ما يجب تقديمه منها كتقديم النص على القياس، والعدالة ليست شرطا في أصل الاجتهاد, وإنما هي شرط في قبول فتوى المجتهد، ولا يشترط حفظ آيات الأحكام وأحاديثها, بل يكفي علم مواضعها في المصحف وكتب الحديث ليراجعها عند الحاجة، ويشترط علمه بالناسخ والمنسوخ, ومواضع الإجماع والاختلاف ويكفيه أن يعلم أن ما يستدل به ليس منسوخا وأن المسألة لم ينعقد فيها إجماع من قبل, ولابد من معرفته للعام والخاص, والمطلق والمقيد, والنص والظاهر والمؤول والمجمل والمبين والمنطوق والمفهوم والمحكم والمتشابه، ولا بد من معرفة ما يصلح للاحتجاج به من الأحاديث من أنواع الصحيح والحسن, والتمييز بين ذلك, وبين الضعيف الذي لا يحتج به لمعرفته بأسباب الضعف المعروفة في علم الحديث والأصول، وكذلك القدر اللازم لفهم الكلام من النحو واللغة. انتهى.
ولا ريب في أن الأئمة الأربعة من أساطين الاجتهاد في هذه الأمة, وقد أجمع العلماء، أو كادوا على جلالتهم ورفعة منزلتهم, وأنهم نالوا القدح المعلى وحازوا قصب السبق في ميدان الاجتهاد فرحمهم الله أوسع رحمة.
والله أعلم.