الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فانتزاع الدولة لشيء من أملاك رعاياها إن كان لمصلحة عامة تدعو إليها الحاجة، فإنه يجوز بشروط نص عليها قرار المجمع الفقهي ومنها: أن يكون نزع العقار مقابل تعويض فوري عادل يقدره أهل الخبرة بما لا يقل عن ثمن المثل. اهـ.
وقد سبق لنا بيان ذلك ونقل ما يتعلق به من القرار، في الفتوى رقم: 4429.
وعلى ذلك، فإن كان التعويض الذي دفعته الدولة للسائل يقل عن ثلث ثمن مثله، كما ذكِر في السؤال فلا شك أن هذا نوع من الظلم يُثبت للسائل حق المطالبة ببقية حقه، فإن أعطيه ـ فالحمد لله ـ وإلا جاز له السعي للظفر بحقه بأي سبيل تيسر ما لم يتضمن ذلك ظلما ولا تعديا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28871.
ومن هذه السبل أن يُوكل السائل من يسعى له في استخلاص حقه بجعل معلوم، وأما أن يكون ذلك على نسبة من التعويض الذي سيحصل عليه، مع جهالة هذا التعويض فهذا لا يصح عند أكثر أهل العلم، لاشتراط معلومية الجعل، جاء في الموسوعة الفقهية: قال المالكية والشافعية والحنابلة: يشترط لصحة عقد الجعالة أن يكون الجعل مالا معلوما جنسا وقدرا. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا بد أن يكون العوض معلوما، ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم، نحو أن يقول: من رد عبدي الآبق فله نصفه، ومن رد ضالتي فله ثلثها. اهـ.
وعلى هذا الاحتمال الذي ذكره ابن قدامة فإنه يصح أن يكون الجعل نسبة من التعويض الذي سيحصل، لأن هذه الجهالة لا تمنع التسليم، لأن الجعل يصير معلوماً عند استيفاء حق الموكل ونجاح المحامي في كسب القضية محل المجاعلة.
والله أعلم.