الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صيام هذه المرأة صحيح؛ إذ لا حد لأقل مدة دم النفاس.
قال الخرقي في مختصرة: وأكثر النفاس أربعون يوما، وليس لأقله حد أي وقت رأت الطهر اغتسلت وهي طاهر. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني للتدليل على هذه المسألة: ولَنا، أنَّه لم يَرِدْ في الشَّرْعِ تَحْدِيدُه، فيُرْجَعُ فيه إلى الوُجُودِ، وقد وُجِدَ قليلًا وكثيرًا، وقد رُوِىَ أنَّ امْرَأةً وَلَدَتْ على عَهْدِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم تَرَ دَمًا، فَسُمِّيَتْ ذَاتَ الجُفُوفِ. قال أبو داوُد: ذاكرْتُ أبا عبدِ اللهِ حديثَ جَرِيرٍ: كانَتِ امْرَأةٌ تُسَمَّى الطَّاهِرَ، تَضَعُ أوَّلَ النَّهارِ وتَطْهُرُ آخِرَه. فجعلَ يعْجَبُ منه. وقال عليٌّ رَضِىَ اللهُ عنه: لا يَحِلُّ لِلنُّفَسَاءِ إذا رَأَتِ الطُّهْرَ إلَّا أنْ تُصَلِّيَ. ولأنَّ اليَسِيرَ دَمٌ وُجِدَ عَقِيبَ سَبَبهِ وهو الوِلَادَةُ، فيكونُ نِفَاسًا كالكثِيرِ. انتهى.
وقال أبو عيسى الترمذي في سننه: وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلَاّ أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي.
فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ العِلْمِ قَالُوا: لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الفُقَهَاءِ. وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ. انتهى.
ولمزيد فائدة يمكنك الاطلاع على الفتوى: 58315.
والله أعلم.