الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنريد أولا أن ننبه إلى أنه لا توجد قراءة خاصة بلغة قريش لا يخرج عنها في شيء، وإنما أخذت كل قراءة من لغة قريش بنصيب، لكن لغة قريش هي التي كتب بها الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ المصحف الشريف، قال ابن كثير في التفسير: وأمر عثمان هؤلاء الأربعة ـ وهم زيد بن ثابت الأنصاري أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا، وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي وكان كريما جوادا ممدحا وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي ـ فجلس هؤلاء النفر يكتبون القرآن نسخا، وإذا اختلفو في وضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان، فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.
وكانت كتابتهم على وجوه تحتمل لغة قريش أساسا كما تحتمل غيرها من وجوه القراءات الثابتة في العرضة الأخيرة، وقد جردوه من النقط والشكل، لتلفظ الكلمة بالحروف المحتملة لها مما ثبتت به القراءة في العرضة الأخيرة من اللغات الأخرى، يقول الدكتور فهد الرومي أستاذ القراءات والدراسات القرآنية في كتاب: دراسات في علوم القرآن: وقد كتب القرآن الكريم في عهد عثمان على لسان قريش على وجه يحتمل وجوه القراءات الثابتة، فإن أمكن وإلا كتب في مصحف بوجه وفي مصحف آخر بوجه آخر.
فعلم أنه يوجد في كل قراءة من القراءات المتواترة ما ليس من لغة قريش ـ كالاختلاف في الإعراب والفتح والإمالة والإظهار والإدغام وأحوال الهمزة والوقف وغير ذلك ـ وعليه، فقول القائل إنه لا مبرر لقراءة القرآن في زماننا بغير لغة قريش إلى آخر كلامه هو قول خال من المعنى.
والله أعلم.