الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنتم انصرفتم من مزدلفة بعد انتصاف الليل ولو بزمن يسير، فلا شيء عليكم، وأما إن كنتم قد انصرفتم من مزدلفة قبل منتصف الليل فقد تركتم واجبا من واجبات الحج ـ هو المبيت بمزدلفة، والذي لا يتحقق عند الأكثر إلا بالمكث بها ولو ساعة لطيفة بعد منتصف الليل ـ والواجب عليك إذا كنت تركت المبيت بمزدلفة دم يذبح بمكة ويوزع على فقراء الحرم، فإن عجزت فعليك صيام عشرة أيام قياسا على العاجز عن دم التمتع، وانظر لتفصيل القول في هذه المسألة الفتوى رقم: 138602.
وأما رميك جمرة العقبة بعد نصف الليل وطوافك وسعيك: فإنه صحيح في قول كثير من أهل العلم، ولا يلزمك بذلك شيء، وقد كان الأولى أن تؤخر الرمي إلى ما بعد طلوع الشمس عملا بالسنة وخروجا من الخلاف، أما وقد رميت بعد منتصف الليل فنرجو أن يكون ذلك مجزئا عنك ـ إن شاء الله ـ قال البهوتي في الروض: ويجزئ رميها بعد نصف الليل من ليلة النحر، لما روى أبو داود عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم: أمر أم سلمة ليلة النحر، فرمت جمرة العقبة قبل الفجر، ثم مضت، فأفاضت. انتهى.
وأما إن كنت رميت قبل منتصف الليل: فإن ذلك لم يجزئك ويجب عليك دم لترك الرمي، لأنه من واجبات الحج.
وأما ما ذكرته فيما يتعلق بأمر المبيت بمنى: فإنه لا شيء عليك فيه، فإنك قد انصرفت من منى في الليلة الثانية قبيل الفجر ـ أي بعد انتصاف الليل ـ فكنت قد بقيت بمنى معظم الليل، وهذا هو القدر الواجب في المبيت بمنى وانظر الفتوى رقم: 140340، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.