الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 74504، طرفا من كلام العلماء في حكم ابتلاع النخامة في الصلاة وأنه مفسد لها والظاهر أن المسألتين من باب واحد ـ نعني إفساد الصوم والصلاة بابتلاع النخامة ـ فإن من أفسد الصوم بإبتلاعها جعلها كالأكل، وهو مبطل للصلاة، ومن لم يفسد الصوم بابتلاعها ألحقها بالريق، وابتلاعه غير مفسد للصلاة، وعند المالكية قول بأن تعمد ابتلاع النخامة ـ ولو وصلت إلى الفم ـ لا يفسد الصوم ولا الصلاة، قال الحطاب ـ رحمه الله ـ في مواهب الجليل: وقال في مسائل الصلاة في أواخر وسطها: وسئل اللخمي عن التنحنح في الصلاة فأجاب: كل ما انحدر من البلغم في الحلق فابتلعه المكلف فلا يفسد صوما ولا صلاة ـ ولو قدر على طرحه ـ إن لم يصل للهوات، ولو خرج لفمه فابتلعه ففيه اختلاف هل يعيد صومه وصلاته كالطعام أم لا؟ إذ ليس بمنزلة الطعام. انتهى.
وأما الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: فإنه ذكر أنه لم يطلع على كلام للحنابلة ـ فقهاء مذهبه ـ في هذه المسألة وذكر أن قياس قولهم بفساد الصوم بابتلاعها فساد الصلاة بتعمد ابتلاعها كذلك، ومال هو إلى ترجيح عدم فساد الصوم بابتلاع النخامة، فإذا كان هذا هو حكم الأصل المقيس عليه، فالفرع المقيس ـ وهو الصلاة ـ من باب أولى، قال الشيخ ـ رحمه الله: فقهاء الحنابلة أكثرهم يقولون: إذا وصلت النخامة إلى الفم ثم ابتلعها فسد صومه وقياس ذلك: أنه إذا حصل ذلك في الصلاة بطلت الصلاة إذا قلنا: إن هذا بمعنى الأكل, لكن لم يمر عليّ أنهم ذكروا ذلك في الصلاة, مع أن القول بأنها تفطر إذا وصلت إلى الفم ثم ابتلعها فيه نظر, لأن هذا لا يسمى أكلاً ولا شرباً, ولم تدخل إلى جوفه، بل هي لم تزل في جوفه, وإن كان الفم يعتبر من الظاهر لا من الباطن.
انتهى.
والله أعلم.