الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يتقبل توبتك ويثبتك على طريق الحق ويشرح صدرك، واعلم أن التوبة إذا استكملت شروطها فهي مقبولة ـ بإذن الله ـ وكما ذكرت فإن من شروط التوبة مما يتعلق بحق آدمي أن ترد الحقوق لأصحابها، وانظر شروط التوبة في الفتوى رقم : 13348.
فإذا كان الرجل الذي اشترى منك الهاتف المعيب قد سامحك وأحلك من مظلمته عندما كلمته بالهاتف، فلا شيء عليك ـ إن شاء الله ـ ولا يلزمك أن تذهب إليه لتستحله مرة أخرى.
أما بخصوص الوصلة التي اشتبه عليك صاحب المحل الذي أخذتها منه: فيمكنك إخبار صاحبي المحلين بذلك، فإن أحلاك منها، فلا شيء عليك، وإلا فإن تبين صاحبها فلتدفعها إليه، وإن لم يتبين صاحبها، فلا يلزمك أن تدفع وصلة لكل واحد منهما، وإنما يكفيك أن تطلب منهما أن يحلف صاحب الحق فيأخذه، قال ابن تيمية: فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ صَاحِبِهِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ، فَإِنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا، وَكَمَنَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ، فَإِذَا قَالَ: مَنْ حَلَفَ مِنْكُمَا فَهُوَ لَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَقَدْ أَدَّى الْوَاجِبَ.
فإن اختلفا بينهما فيمن يستحقها، فالطريق لتعيينه هو القرعة، فمن خرجت له القرعة حلف وأخذها، قال البهوتي: وإن قال من بيده العين هي لأحدهما وأجهله، فإن صدقاه على أنه يجهله لم يحلف لتصديقهما له، وإلا بأن كذباه حلف يمينا واحدة أنه لا يعلمه ويقرع بينهما ـ أي بين المدعيين للعين ـ فمن قرع حلف وأخذها، لأن صاحب اليد أقر بها لأحدهما لا بعينه فصار ذلك المقر له هو صاحب اليد دون الآخر، فبالقرعة يتعين المقر له فيحلف على دعواه ويقضي له.
وأما نصيحتنا لك بخصوص هذه الأفكار: فما كان منها في حدود الشرع ـ كحرصك على رد الحقوق لأصحابها ـ فهو مطلوب من غير مبالغة، وأما ما كان فيه مبالغة وتشديد بغير مسوغ فهو من الوساوس التي ينبغي الإعراض عنها، وراجع في علاج الوسوسة الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.