الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقرض الربوي حرام لا يجوز إلا عند تحقق الضرورة المبيحة لارتكاب المحظور، لأن الربا من المحرمات القطعية التي لا تباح إلا عند الضرورة، وتعرفّ الضرورة: بأنها بلوغ المكلف حداً إن لم يتناول الحرام هلك، أو قارب على الهلاك.
وقال بعض أهل العلم مبينا حد الضرورة: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر، أو أذى بالنفس، أو بالعضو - أي عضو من أعضاء النفس - أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال وتوابعها ـ ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع.
فأين تحقيق الحلم بأمر ما لرفع المستوى من مسوغات ارتكاب الحرام هذه؟ ووسائل الحلال كثيرة وتوقعك ضياع مستقبلك إن لم تقدم على الربا هو من الضياع أيضا، فاتق الله عز وجل ولا تقدم على أخذ الربا لغير ضرورة، وما ذكرته لا ضرورة فيه، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، قال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ. { الطلاق: 2، 3 }.
فاطلب ما عنده بطاعته وتقواه يوفقك للخير ويجعل لك من أمرك رشدا ويرزقك من حيث لا تحتسب.
كما ننبهك إلى أن وسائل الحلال كثيرة غير اللجوء إلى الربا ـ كالتورق والاستصناع والمرابحة وغيرها مما ينضبط بالضوابط الشرعية ويحقق للمرء غايته في الحصول على حاجته من النقد دون ارتكارب المحظور ـ وانظر الفتوى رقم: 2819.
والله أعلم.