الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما قرأته من الكلام صحيح لا شك في صحته، فإن المقصود هو إيقاع الحصى في المرمى، وما ذكره هذا المحاضر من أن الحصاة إذا أصابت الشاخص ولم تقع في المرمى لم تجزئ كلام صحيح، وهو متصور فيما إذا كانت الرمية قوية فإنها قد تصيب الشاخص ثم تخرج خارج المرمى، لكن الغالب فيما إذا كان الشخص قريبا من المرمى، وكان الرمي معتدلا غير قوي أن الحصاة تقع في المرمى، وإذا كان الأمر على هذا النحو بأن كنت قريبا من المرمى، وكان رميك معتدلا، وكان الغالب على ظنك أن الحصاة قد وقعت في الحوض، فإن ذلك يجزئك، والراجح أن غلبة الظن بوقوع الحصاة في المرمى كافية ولا يشترط اليقين، وقيل بل يجب اليقين، وقيل بل يكفي الشك، والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد.
قال في الإنصاف : يشترط أن يعلم حصول الحصى في المرمى على الصحيح من المذهب، وقيل يكفي ظنه جزم به جماعة من الأصحاب، وذكر ابن البنا رواية في الخصال أنه يجزئه مع الشك أيضا وهو وجه أيضا في المذهب وغيره . انتهى .
والذي رجحه العلامة العثيمين رحمه الله أن غلبة الظن في ذلك كافية، قال في الشرح الممتع : وإذا ضرب العمود -الذي جعل علامة- فرجعت الحصاة خارج المرمى لا تجزئ، ولذلك ينبغي للإنسان ألا يشتد في الرمي ويكفي غلبة الظن في أن تقع في المرمى ؛ لأن غالب العبادات مبناها على غلبة الظن، ولأن اليقين في عصرنا صعب . انتهى .
وعليه؛ فإذا كان الغالب على ظنك أنها وقعت في المرمى فلا شيء عليك، وأما إذا كنت شاكا في وقوعها في المرمى أيا كانت الاحتمالات أو غلب على ظنك أنها لم تقع فيه فعليك دم يذبح في مكة ويوزع على فقراء الحرم إن كان المشكوك في وقوعه في المرمى أكثر من حصاتين.
قال في كشاف القناع : (وفي ترك حصاة) واحدة ( وما في ) حلق ( شعرة وفي ترك حصاتين ما في حلق شعرتين ) وفي أكثر من ذلك دم . انتهى . وأما تحللك من إحرامك فقد وقع صحيحا، لأن التحلل الأول يحصل باثنين من ثلاثة: الرمي والحلق والطواف , ويحصل الثاني بالثالث، ولو فرض أنه وقع منك الجماع بعد الطواف فلا شيء عليك لأنك تكون قد أتيت بأركان الحج، قال في الإنصاف : لو طاف للزيارة ولم يرم ثم وطئ فقدم في المغني والشرح أنه لا يلزمه إحرام من الحل ولا دم عليه لوجود أركان الحج . انتهى.
والله أعلم.