الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عبارات الفقهاء في تعريف النشوز متفاوتة، ويجمعها معنى واحد، وهو عصيان المرأة لزوجها وامتناعه عما يجب عليها له من الطاعة في المعروف.
قال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: وَالنُّشُوزُ في النِّكَاحِ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا من الزَّوْجِ بِغَيْرِ حَقٍّ خَارِجَةً من مَنْزِلِهِ بِأَنْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَغَابَتْ أو سَافَرَتْ، فَأَمَّا إذَا كانت في مَنْزِلِهِ وَمَنَعَتْ نَفْسَهَا في رِوَايَةٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِحَقِّهِ مُنْتَفِعٌ بها ظَاهِرًا وَغَالِبًا فَكَانَ مَعْنَى التَّسْلِيمِ حَاصِلًا. انتهى.
وقال الدردير المالكي في الشرح الكبير: النشوز الخروج عن الطاعة الواجبة كأن منعته الاستمتاع بها أو خرجت بلا إذن لمحل تعلم أنه لا يأذن فيه، أو تركت حقوق الله تعالى كالغسل أو الصلاة، ومنه إغلاق الباب دونه كما مر. انتهى.
وقال النووي الشافعي في روضة الطالبين: فرع فيما تصير به ناشزة فمنه الخروج من المسكن، والامتناع من مساكنته، ومنع الاستمتاع بحيث يحتاج في ردها إلى الطاعة إلى تعب، ولا أثر لامتناع الدلال. انتهى.
قال الحجاوي الحنبلي في الإقناع: إذا ظهر منها أمارات النشوز بأن تتثاقل أو تتدافع إذا دعاها إلى الاستمتاع، أو تجيبه متبرمة متكرهة ويختل أدبها في حقه. الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل.
ويترتب على النشوز سقوط حق الزوجة في النفقة والسكنى، ويجوز للزوج تأديبها على النشوز، بالوعظ ثم الهجر في المضطجع ثم الضرب غير المبرح.
قال النووي في روضة الطالبين: والوعظ التذكير بما يلين القلب لقبول الطاعة واجتناب المنكر. (ثم) إذا لم يفد الوعظ (هجرها) أي تجنبها في المضجع فلا ينام معها في فرش لعلها أن ترجع عما هي عليه من المخالفة. (ثم) إذا لم يفد الهجر (ضربها) أي جاز له ضربها ضربا غير مبرح وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة، ولا يجوز الضرب المبرح ولو علم أنها لا تترك النشوز إلا به، فإن وقع فلها التطليق عليه والقصاص، ولا ينتقل لحالة حتى يظن أن التي قبلها لا تفيد. انتهى.
والذي ننصحك به أن تصبر على زوجتك وتداوم مناصحتها وتتعامل معها بالحكمة، فتضع الشدة والرفق في مواضعهما، مع مراعاة طبيعة المرأة التي وصفها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:... وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا. متفق عليه.
مع الالحاح في دعاء الله عز وجل أن يصلحها ويوفق بينكما إنه قريب مجيب.
وللفائدة راجع الفتوى : 22559.
والله أعلم.