الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأمر أهون بكثير من أن تبدئ وتعيد فيه على هذا النحو، وقد بينا لك مذهب الحنابلة في المسألة، وقد عرفت ـ أيضا ـ مذهب الشافعية فيها، فإن أردت أن تتمضمض وتستنشق بنية الوضوء ثم تنغمس في الماء وتأخذ بقول الشافعية في إجزاء ذلك، فلا حرج عليك، وإن أردت التقيد بمذهب الحنابلة فقد عرفت أن هذا لا يجزئ عندهم، ولا يجزئ عندهم كذلك أن تنغمس ثم تخرج فتتمضمض وتستنشق ثم تعود فتنغمس في الماء، فإن هذا الماء الذي ارتفع به حدث الوجه إن كان قليلا فقد قد صار مستعملا وهو طاهر غير مطهر على المذهب، وأيضا فلو عملت بقول الشافعية في جواز هذه الصورة ثم أردت أن تتمضمض وتستنشق بعد انغماسك في الماء، فإن هذا لا يجزئك عن المضمضة والاستنشاق الواجبين عند الحنابلة، وذلك لفوات شرط الترتيب، فإنك في هذه الحال تكون متمضمضا ومستنشقا بعد غسل رجليك، قال في الإنصاف: يجب الترتيب والموالاة بين المضمضة والاستنشاق وبين سائر الأعضاء على الصحيح من المذهب وهو إحدى الروايات وقدمه في الفروع وابن تميم وهو ظاهر كلام الخرقي قال في مجمع البحرين وابن عبيدان تبعا للمجد والأقيس وجوب ترتيبهما كسائر أجزاء الوجه. انتهى.
وعليه، فإن أردت الأخذ بقول الحنابلة في وجوب المضمضة والاستنشاق وبقول الشافعية في إجزاء الانغماس مع نية الوضوء عن الوضوء فتمضمض واستنشق أولا ثم انغمس في الماء، ويرتفع حدثك بذلك عند المجوزين لهذه الصورة.
والله أعلم.