الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان هذا المأموم لا يحسن الفاتحة عن ظهر قلب فله أن يقرأ من المصحف، بل يجب عليه ذلك لأن قراءة الفاتحة واجبة عليه، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، قال في حاشية الروض: وهل يلزم الحفظ عن ظهر قلب، أم تكفي قراءتها في المصحف؟ استظهر ابن نصر الله الثاني انتهى.
وأما إن كان يحسن الفاتحة فلا ينبغي له أن يقرأ في المصحف؛ لأن ذلك يشغله عن كثير من سنن الصلاة كالنظر موضع السجود ووضع اليمين على الشمال، ولأنه لم ينقل من عمل السلف رحمهم الله، ولأن في صحة الصلاة والحال هذه خلافا، وإن كان الراجح صحتها وهو قول الجمهور.
قال النووي في شرح المهذب: لو قرأ القرآن من المصحف لم تبطل صلاته، سواء كان يحفظه أم لا، بل يجب عليه ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة كما سبق، ولو قلب أوراقه أحيانا في صلاته لم تبطل، ولو نظر في مكتوب غير القرآن وردد ما فيه في نفسه لم تبطل صلاته وإن طال، لكن يكره نص عليه الشافعي في الإملاء وأطبق عليه الأصحاب، وهذا الذى ذكرناه من أن القراءة في المصحف لا تبطل الصلاة مذهبنا ومذهب مالك وأبي يوسف ومحمد وأحمد، وقال أبو حنيفة: تبطل قال أبو بكر الرازي أراد إذا لم يحفظ القرآن وقرأ كثيرا في المصحف، فأما إن كان يحفظه أو لا يحفظه، وقرأ يسيرا كالآية ونحوها فلا تبطل، واحتج له بأنه يحتاج في ذلك إلى فكر ونظر وذلك عمل كثير، وكما لو تلقن من غيره في الصلاة، واحتج اصحابنا بأنه أتى بالقراءة وأما الفكر والنظر فلا يبطل الصلاة بالاتفاق إذا كان في غير المصحف ففيه أولى. انتهى باختصار.
والله أعلم.