الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الاستهزاء بالناس محرم لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ {الحجرات:11}.
ثم إن المستهزأ به يشرع له أن يصفح ويعفو ويقابل الإساءة بالإحسان ويبتسم، ولا سيما إذا كان ذلك صادرا من المدرس على سبيل المزاح، وكان المظلوم من الملتزمين فقد قال الله تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ { آل عمران:134} وقال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النــور:22} وقال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{فصلت:34}
ولو أنك تحاورت مع المدرسة بلطف وبينت لها استياءك مما يصدر منها فلا حرج في ذلك، ولكن أهل العلم يحضون على الصبر على معاملات المدرسين كما قال الشافعي رحمه الله:
فصبرا على مر الجفا من معلم * فإن رسوب العلم في نظرته
ونسأل الله لنا ولك التمسك بالحق ومعرفته والقوة فيه.
وننبه إلى أن قول الحق ينبغي فيه اللين عملا بقوله تعالى: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى { طـه:44} فإن أمكن فهم المخاطب بذلك فهو أحسن، وأن أصر على الباطل فيجوز خطابه بما ينزجر به من العبارات بقدر الحاجة، كما أفاده ابن حجر في الفتح.
والله أعلم.