الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن آداب المجالس بصفة عامة، ومجالس الذكر بصفة خاصة: مراعاة آداب الحديث بالإنصات للمتحدث، وقد سبق بيان ذلك مع بقية الآداب المتعلقة بمثل هذه المجالس في الفتوى رقم: 66444.
وأما بخصوص الإنصات في مجالس الذكر التي تتلى فيها آيات الله ويذكر فيها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فالأمر أهم، وقد تناول أهل العلم آداب السامع في مثل هذه المجالس بالتفصيل، وعقدوا لذلك أبوابا خاصة، كما فعل الخطيب البغدادي في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) في باب أدب السماع.
وكذلك فعل ابن جماعة في (تذكرة السامع والمتكلم) ومما قال: ينبغي أن لا يقطع على الشيخ كلامه؛ أي كلام كان، ولا يسابقه فيه ولا يساوقه، بل يصبر حتى يفرغ الشيخ من كلامه ثم يتكلم، ولا يتحدث مع غيره والشيخ يتحدث معه أو مع جماعة المجلس. اهـ.
وهنا ننبه على أمر مهم، وهو أن مقاطعة المتكلم الذي ينقل كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، إذا كانت لغير حاجة ملحة وعاجلة، فإنها أعظم قبحا من مقاطعة غيره من المتكلمين.
وقد عقد القاضي عياض قي (الشفا) فصلا في أصل ذلك، فقال: اعلم أن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته، وذلك عند ذكره صلى الله عليه وسلم وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه وسيرته .. اهـ. وذكر فيه طرفا من نفائس الآثار في هذا المعنى.
والله أعلم.