الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت أنت إمام القرية فإن تحديد وقت الإقامة منوط بك على ما أوضحناه في الفتوى رقم: 48992.
فينبغي أن تنظر في مصلحة المصلين، وتعتبر بحال أكثرهم دون أن تشق عليهم بمزيد التأخير، أو تعجل تعجيلاً يفوت عليهم فعل الراتبة، فإذا جاء الوقت المحدد لإقامة الصلاة وكان بعض المصلين مشتغلاً بالنافلة فإن في جواز إتمامه لها خلافاً بين العلماء أوضحناه في الفتوى رقم: 41914.
والأمر في هذه المسالة سهل إن شاء الله، فإن مذهب الجمهور أن المصلي إذا شرع في النافلة ثم أقيمت الصلاة فإنه لا يقطعها لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ .{33}، وهذا ما لم يخش فوات الجماعة، فإن خشي فوات الجماعة فإنه يقطعها لأن إدراك الجماعة أولى من صلاة النافلة وبخاصة على القول بوجوبها، وحمل الجمهور حديث:... فلا صلاة إلا المكتوبة. على معنى لا تصلوا أي لا تبتدأوا صلاة نافلة بل اشتغلوا بالمكتوبة.
قال الشيخ السعدي رحمه الله: قد ذكر العلماء أنه -يعني الحديث المذكور- محمول على ابتداء النفل لمن يريد أن يصلي مع الإمام أنه ممنوع، وأما إتمامه فلم يجعلوه متناولاً له جمعاً بينه وبين قوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. وفرقا بين الابتداء والاستدامة، فإنها أخف حكما من الأول، فإذا شرع فيها ولا يمكنه أن يتمها حتى تفوته الجماعة المذكورة، إما بالسلام وإما بركعة على أصح القولين، فهذا يجب عليه قطعها قولاً واحداً، لأنه لا تعارض بين واجب ومستحب، ولعموم إيجاب الجماعة حتى في هذه الصورة. والابتداء في النافلة لا يسقط الوجوب. انتهى بتصرف يسير.
فإذا علمت هذا وعلمت أن القول بجواز إتمام النافلة ما لم يخش فوت الجماعة هو قول الجمهور من العلماء، فلا نرى لك أن تنكر على هؤلاء المصلين لأنهم يتابعون في فعلهم هذا قول الجمهور من العلماء، ولا حرج عليك في أن تشرع في الصلاة وألا تنتظرهم حتى يتموا النافلة إذا أقيمت الصلاة، وإن كان انتظار من يصلي حتى يفرغ لا يشق على أكثر المصلين فلا حرج عليك كذلك في أن تنتظرهم.
والله أعلم.