الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على الطائف بالبيت أن يبدأ الطواف محاذياً للحجر أو بعضه بجميع بدنه، ولا يضر إن بدأ الطواف قبل الحجر بقليل، فإن ذلك القدر الذي مشاه قبل بلوغ الحجر يلغو فلا يعتد به، وإنما يبطل الشوط إذا بدأ الطواف بعد مجاوزة الحجر، فحينئذ يلغو هذا الشوط ويكون الشوط الثاني أولاً، قال في كشاف القناع: فيحاذيه أي الحجر (أو) يحاذي (بعضه بجميع بدنه) لأن ما لزم استقباله لزم بجميع البدن كالقبلة (فإن لم يفعل) أي يحاذي الحجر أو بعضه بكل بدنه ابتدأ بالطواف عن جانب الركن من جهة الباب بحيث خرج شيء من بدنه عن محاذاة الحجر (أو بدأ بالطواف من دون الركن) الذي به الحجر (كالباب ونحوه) كالملتزم (لم يحتسب بذلك الشوط) لعدم محاذاة بدنه للحجر ويحتسب له بالثاني وما بعده ويصير الثاني أولاً. انتهى.
وذكر بعض العلماء أن ابتداء الطواف مما بين الركنين وقبل محاذة الحجر ليس من السنة، وإن كان ذلك لا يقدح في صحة الطواف، جاء في حاشية الروض: وقال الشيخ: فيبتدئ من الحجر الأسود، يستقبله استقبالاً، وذكر أنه هو السنة، وقال: وليس عليه أن يذهب إلى ما بين الركنين، ولا يمشي عرضاً، ثم ينتقل للطواف، بل ولا يستحب ذلك. انتهى.
واعلم أن من شرط النية في صحة الطواف من العلماء إنما اشترط تقدمها على جميع الطواف، ولا نعلم أحداً من أهل العلم يقول بمشروعية النية لكل شوط من أشواط الطواف، وعليه فما دمت قد بدأت الطواف محاذياً للحجر أو قبله بيسير كما هو واضح واختتمت الطواف محاذياً للحجر كذلك واستكملت الأشواط السبعة فطوافك صحيح بلا شك، وما أفتاك به هذا المفتي صحيح، واعلم أن ضبط بداية كل شوط في الطواف ونهايته يسير جداً، وذلك بأن تقف محاذياً للحجر بجميع بدنك، وإنما يشرع لك أن تشير إلى الحجر وهو ما عبرت عنه أنت بالاستلام إذا حاذيت الحجر، وما سمعته من وجوب الزيادة في الشوط الأخير إلى مقام إبراهيم كلام غير صحيح، بل متى حاذيت الحجر في الشوط السابع فقد تم طوافك، وبعده يستحب لك أن تصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم هما ركعتا الطواف، وإن صليتهما في أي مكان أجزأك.
والله أعلم.