الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قبل النبوة لم يخرج من موطنه مكة المكرمة إلى أي جهة إلا مرة واحدة عند ما وصل الخامسة والعشرين من عمره خرج تاجرًا إلى الشام في مال خديجة رضي الله عنها مع غلام لها يقال له: ميسرة.
وقد ارتحل به قبل ذلك عمه أبو طالب تاجرًا إلى الشام، وهوصبي في الثانية عشرة وشهر أو شهرين من عمره حتى وصل إلى بُصْرَى(أطراف الشام مما يلي الحجاز) فرده منها إلى مكة مع بعض غلمانه، أو رجع به هو نفسه، خوفا عليه من اليهود والنصارى.. فلم يصل إلى الشام، وظل في مكة إلى أن وصل الخامسة والعشرين كما أشرنا.
وفي ذلك يقول صاحب قرة الأبصار:
ثم إلى الشام مع العم ارتحل * والعمر في ثالثة العشر دخل
فرده خوفا من اليهود * عليه أهل المكر والجحود
وعاد مع ميسرة للشام * وهو من الرحمن في إكرام
ولم يكن- صلى الله عليه وسلم- يعرف شيئا عن التوراة ولا الإنجيل ولا غيرهما ولم يكن يكتب ولا يقرأ بل كان أميا وفي بيئة أمية لا تعرف شيئا عن هذه الكتب ولا غيرها، وهذه من أعظم معجزاته ولهذا قال له الله تعالى: وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ. {العنكبوت:48}.
والله أعلم.