الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيرا على تحريك الحق والصواب وما يرضي الله جل وعلا، ونسأل الله سبحانه أن يزيدك تقوى وورعا، وأن يجعل لك ولأسرتك من كل ضيق فرجا، ومخرجا.
أما عن الحكم الشرعي في حالتك هذه فإنا نقول:
لا يلزمك إخبار الخاطب بمرض أخيك بل ولا ينبغي ذلك لأنك ستفتحين عليه باب وسوسة وشر، والذي يلزم الإخبار به إنما هو العيوب التي توجد بالزوجة وتحول بين الرجل وبين الاستمتاع بزوجته أو كمال الاستمتاع بها كالجنون والبرص والجذام، وانظري الفتوى رقم: 19935.
وأما ما تخشين منه من أمر العدوى وانتقال المرض لذريتك فهذه محض ظن، لا ينبني عليه شيء، فإن الأمراض لا تنتقل بنفسها وإنما تنتقل بقضاء الله وقدره، وهذا معنى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة. متفق عليه.
قال العلماء: معنى الحديث لا عدوى إلا بإذن الله، وقدره، فالأمراض لا تنتقل بنفسها، وإنما المرض والصحة بيد الله تعالى.
والعدوى وانتقال المرض من الآباء أو الأمهات إلى الأولاد ليس أمرا قطعيا، بل قد ينتقل وقد لا ينتقل، وكم من صحيح سليم خرج من ذريته سقيم عليل، وكم من سقيم عليل خرج من ذريته صحيح سليم، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى ولا صفر ولا هامة، فقال أعرابي: يا رسول الله: فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب، فيجربها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن أعدى الأول.
قال الإمام ابن حجر في فتح الباري: المراد بنفي العدوى أن شيئا لا يعدي بطبعه، نفيا لما كانت الجاهلية تعتقده أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم اعتقادهم ذلك، وأكل مع المجذوم ليبين لهم أن الله هو الذي يمرض ويشفي، ونهاهم عن الدنو منه ليبين لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها، ففي نهيه إثبات للأسباب، وفي فعله إشارة إلى أنها لا تستقل، بل الله هو الذي إن شاء سلبها قواها، فلا تؤثر شيئا، وإن شاء أبقاها فأثرت. انتهى.
وانظري الفتوى رقم: 49913.
والحاصل أنه عليك أن تقبلي على الزواج ما دام قد تيسر لك، ولا تتردي في أمره.
والله أعلم.