الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاقتداء المأموم بالإمام ـ إذا كان المأموم خارج المسجد ولا يرى الإمام ولا أحدا من المأمومين ولم تتصل الصفوف ـ غير جائز عند جمهور أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: فصل: فإن كان بين الإمام والمأموم حائل يمنع رؤية الإمام أو من ورائه فقال ابن حامد: فيه روايتان:
إحداهما: لا يصح الائتمام به، اختاره القاضي، لأن عائشة قالت لنساء كن يصلين في حجرتها: لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن دونه في حجاب، ولأنه لا يمكنه الاقتداء به في الغالب. والثانية: يصح، قال أحمد في رجل يصلي خارج المسجد يوم الجمعة وأبواب المسجد مغلقة: أرجو أن لا يكون به بأس.
وسئل عن رجل يصلي يوم الجمعة وبينه وبين الإمام سترة قال: إذا لم يقدر على غير ذلك.
انتهى.
وقال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح المهذب: لو صلى في دار أو نحوها بصلاة الإمام في المسجد وحال بينهما حائل لم يصح عندنا، وبه قال أحمد.
وقال مالك: تصح إلا في الجمعة. وقال أبو حنيفة: تصح مطلقا.
انتهى.
وقال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: فإن الفقهاء يقولون: يصح اقتداء المأموم الذي خارج المسجد إن رأى الإمام أو المأمومين، على أن القول الراجح عندي أنه لا يصح للمأموم أن يقتدي بالإمام في غير المسجد وإن رأى الإمام، إذا كان في المسجد مكان يمكنه أن يصلي فيه، وذلك لأن المقصود بالجماعة الاتفاق في المكان وفي الأفعال.
انتهى.
فإذا تبين لك أن اقتداء هذا الرجل بالإمام ـ وهو في بيته والإمام في المسجد ـ ممتنع عند الجمهور، فاعلم أن الواجب على قريبك هذا إن قدر على شهود الجمعة أن يشهدها في المسجد مع المسلمين، وإن شق عليه ذلك وتضرر به فهو في معنى المريض الذي عذره الله تعالى فلم يوجب عليه شهود الجمعة، فعن طارق بن شهاب ـ رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض.
رواه أبو داود.
والله أعلم.