الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لكما أن تحرما من وراء الميقات الذي وقّته النبي صلى الله عليه وسلم، وميقات أهل نجد هو قرن المنازل، والمعروفة بالسيل الكبير، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقّت المواقيت: هنّ لهنّ، ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ، ممن كان يريد الحج، أو العمرة.
فإذا خرجتما من بلدكما، تريدان النسك، فعليكما أن تحرما من الميقات، ثم تبقي في جدة، أو مكة على إحرامك؛ حتى تطهري من حيضك، وتطوفي، وتسعي، وتتحللي.
فإن تجاوزتما الميقات غير محرمين، وجب عليكما الرجوع إلى الميقات؛ لتحرما منه بالعمرة.
فإذا رجعتما إلى الميقات فأحرمتما منه، فلا شيء عليكما، على الراجح.
وإن أحرمتما بعد مجاوزة الميقات، فعليكما دم؛ لترككما واجبًا من واجبات العمرة، وهو الإحرام من الميقات، قال العلامة الشنقيطي -رحمه الله- في الأضواء: الفرع السابع: اعلم أن جمهور أهل العلم على أن من جاوز ميقاته من المواقيت المذكورة غير محرم، وهو يريد النسك أن عليه دمًا، ودليله في ذلك أثر ابن عباس، الذي قدمناه موضحًا: من نسي من نسكه شيئًا، أو تركه، فليهرق دمًا. قالوا: ومن جاوز الميقات غير محرم، وهو يريد النسك، فقد ترك من نسكه شيئًا، وهو الإحرام من الميقات، فيلزمه الدم.
وأظهر أقوال أهل العلم عندي: أنه إن جاوز الميقات، ثم رجع إلى الميقات، وهو لم يحرم، أنه لا شيء عليه؛ لأنه لم يبتدئ إحرامه، إلا من الميقات، وأنه إن جاوز الميقات غير محرم، وأحرم في حال مجاوزته الميقات، ثم رجع إلى الميقات محرمًا، أن عليه دمًا؛ لإحرامه بعد الميقات، ولو رجع إلى الميقات، فإن ذلك لا يرفع حكم إحرامه مجاوزًا للميقات. انتهى.
والله أعلم.