الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلم اللسان هو العلم الذي لا يعدو كونه مجرد معلومات لا تحيي القلب، ولا تزكي النفس، ولا تؤثر في السلوك ولا يترتب عليها عمل، لا في الظاهر ولا في الباطن، وهذا كعلم اليهود الذين قال الله في حقهم: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. {الجمعة:5}.
قال ابن كثير: يقول تعالى ذاماً لليهود الذين أعطوا التوراة وحملوها للعمل بها، فلم يعلموا بها، مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفاراً، أي: كمثل الحمار إذا حمل كتباً لا يدري ما فيها، فهو يحملها حملاً حسياً ولا يدري ما عليه. انتهى.
بخلاف العمل النافع، والذي أعظمه العلم بالله تعالى ثم العلم بأمر الله.
قال الشيخ محمد التويجري في موسوعة فقه القلوب: أصل العلم الذي يورث العمل، ويوجب خشوع القلب وخشيته لربه ومحبته له، والقرب منه والأنس به والإقبال عليه ولزوم طاعته: هو العلم بالله، وهو معرفة أسمائه وصفاته، وآلائه ونعمه، وصفات جلاله وجماله، ثم معرفة وعده ووعيده، وماذا أعد الله من النعيم للمتقين، وماذا أعد من العذاب للمجرمين ثم يتلوه العلم بأحكام الله، وما يحبه ويرضاه من العبد من قول أو عمل أو حال أو اعتقاد. انتهى.
وبهذا يتبين أن العلم بالله، هو العقيدة الصحيحة المبنية على معرفة الله تعالى وهي بلا شك أفضل العلوم على الإطلاق، وبها يصلح القلب الذي يصلح بصلاحه سائر الجوارح.
قال ابن رجب: أفضل العلم: العلم بالله وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله، التي توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته والتبتل إليه والتوكل عليه والصبر عليه والرضا عنه والانشغال به دون خلقه. انتهى.
والعلم بأمر الله، أي العلم بحدود الله وأحكام شريعته من الحلال والحرام، إنما يطلب في الحقيقة بباعث العلم بالله تعالى، فيريد العبد أن يرضيه ويطيعه ويتبع أمره فيقبل على هذا العلم ليتبع أمر الله ويجتنب مساخطه، وبهذا يكون العلم بأمر الله دالاً على العلم بالله، وأما إن طلب هذا العلم لغير وجه الله فلا شك أنه يعود وبالاً على صاحبه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة -يعني ريحها-. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 53998، 21642.
والله أعلم.