الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيختلف الحكم في ذلك باختلاف حال هذا العاصي، فإن غلب على ظنك أنك سيقبل النصيحة فيتقي بها ربه أو تحدث له ذكراً، فعليك ـ حينئذ ـ أن تنصحي له في كل ما يرتكبه من مخالفات، لأن كل المعاصي والمنهيات يجب الإقلاع عنها فوراً بلا تأجيل، لقوله سبحانه وتعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {آل عمران:133}.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه.
رواه مسلم وغيره.
جاء في إرشاد الفحول للشوكاني: الفور في النهي ضروري، لأن المطلوب الترك مستمراً على ما مر، بخلاف الأمر.
انتهى.
أما إن غلب على ظنك أن الإكثار من النصيحة ربما أدى إلى حصول مفسدة كنفور المدعو عن الحق أو صدوده عن النصيحة وإعراضه عنها جملة واحدة، فهنا ينبغي التدرج معه في النصح، قال الله تعالى: فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى {الأعلى:9}.
جاء في تفسير السعدي: فذكر بشرع الله وآياته إن نفعت الذكرى، أي: ما دامت الذكرى مقبولة، والموعظة مسموعة ـ سواء حصل من الذكرى جميع المقصود أو بعضه ـ ومفهوم الآية: أنه إن لم تنفع الذكرى ـ بأن كان التذكير يزيد في الشر، أو ينقص من الخير ـ لم تكن الذكرى مأموراً بها، بل منهياً عنها.
انتهى.
قال ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى: ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه، بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله وزوال فعل الحسنات.
انتهى.
والله أعلم.