الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا ننصحك بالعفو والصفح عن هذه الفتاة حتى وإن كان قد بدر منها إساءة إليك, فإن الله سبحانه قد ندب عباده إلى العفو والصفح عن المسيء فقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. {النور: 22}. وقال سبحانه: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ. {الشورى:40}, وندب سبحانه إلى رد السيئة بالحسنة استصلاحا للمسيء واستئلافا لقلبه فقال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت: 34}.
ومما يؤكد أمر العفو والصفح في حقك أنك معلمة لها وحق على المعلم أن يرفق بطلابه وأن يحسن إليهم وأن يحتمل إساءتهم وسوء خلقهم.
قال النووي رحمه الله: وينبغي (للمعلم )أن يشفق على الطالب ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان فإن الإنسان معرض للنقائص لا سيما إن كان صغير السن. انتهى.
أما بخصوص اقتصارك في المعاملة على رد السلام وإجابة أسئلتها دون الانبساط في العلاقة فنرجو ألا يكون عليك من ذلك حرج فإن أهل العلم قد نصوا على أن الهجر ينتفي بمجرد إلقاء السلام ورده, وبعضهم خالف في ذلك فاشترط لزوال الهجر عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الخلاف.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال أكثر العلماء تزول الهجرة بمجرد السلام ورده. وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا، وقال أيضا: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام، وكذا قال ابن القاسم. انتهى.
وفي النهاية نوصيك بالتوسط في حب الأشخاص فإن الشرع قد أمر بالاقتصاد والتوسط في أمور الحب والبغض على السواء فقد روى أبو داود وغيره عن رسول الله قال: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. صححه الألباني.