الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالخوارج فرقة من غلاة فرق الضلال، وهم كما يقول الشهرستاني في (الملل والنحل): كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجياً، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين، أو كان بعدهم على التابعين بإحسان والأئمة في كل زمان. اهـ.
وزاد ابن حزم على ذلك فقال: ومن وافق الخوارج من إنكار التحكيم، وتكفير أصحاب الكبائر، والقول بالخروج على أئمة الجور، وأن أصحاب الكبائر مخلدون في النار، وأن الإمامة جائزة في غير قريش فهو خارجي. اهـ.
وسبب تسميتهم بالخوارج هو خروجهم على الأئمة أو على الناس عموما، أو على علي بن أبي طالب رضي الله عنه خصوصا، أو لكونهم يخرجون عن أحكام الدين، وهذا هو وصفهم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم حيث وصفهم بأنهم " يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية" فقال صلى الله عليه وسلم: يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
قال الشيخ الغنيمان في (شرح فتح المجيد): فالخوارج سموا (خوارج) لأنهم خرجوا عن الحق إلى الباطل، وخرجوا على أهل الحق لأنهم أهل باطل، وهم في الواقع أناس جهلة أرادوا أن ينزلوا كتاب الله على مفاهيمهم القاصرة، فاقترحوا أن الناس قسمان فقط: بر تقي، أو فاجر شقي، ولا ثالث لهما، فصاروا يحكمون هذا الرأي الذي رأوه، فكل من وقع في ذنب، جعلوه كافرا. اهـ.
ومما جاء في السنة أيضا في بيان حال هذه الفرقة، قوله صلى الله عليه وسلم: سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجعون حتى يرتد على فوقه، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم... سيماهم التحليق. رواه البخاري ومسلم وأبو داود واللفظ له.
وقوله صلى الله عليه وسلم: شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء، وخير قتيل من قتلوا، كلاب أهل النار. رواه الترمذي وابن ماجه واللفظ له، وحسنه الألباني.
وأما مقالاتهم، فقال أبو الحسن الأشعري في (مقالات الإسلاميين): أجمعت الخوارج على إكفار علي بن أبي طالب رضوان الله عليه أن حكم... وأجمعوا على أن الله سبحانه يعذب أصحاب الكبائر عذابا دائما... والخوارج لا يقولون بعذاب القبر، ولا ترى أن أحدا يعذب في قبره... وللخوارج ألقاب، فمن ألقابهم الوصف لهم بأنهم خوارج، ومن ألقابهم الحرورية، ومن ألقابهم الشراة والحرارية، ومن ألقابهم المارقة، ومن ألقابهم المحكمة، وهم يرضون بهذه الألقاب كلها إلا بالمارقة، فإنهم ينكرون أن يكونوا مارقة من الدين كما يمرق السهم من الرمية، والسبب الذي له سموا خوارج خروجهم على علي بن أبي طالب... اهـ.
وللخوارج عقائد ومقالات أخرى بينا بعضها وبعض انحرافتهم في الفقه وفي العقيدة، في الفتوى رقم: 53224 ولزيادة الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 10607، 25570.
وننصح القارئ الكريم لمدارسة هذا الموضوع بمراجعة كتاب: (الخوارج: تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها) للدكتور غالب بن علي العواجي، عضو هئية التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وهو متوفر على موقع المكتبة الشاملة وموقع صيد الفوائد.
وأما بالنسبة لكيفية معاملتهم، فقد سبق لنا بيان ذلك من خلال بيان منهج أهل السنة في التعامل مع أهل البدع في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 14264، 57734، 19998، 24369.
والله أعلم.