الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنوصيك بالصبر على دعوتهم، ولك أسوة حسنة في نوح عليه السلام الذي ظل يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً دون كلل أو ملل: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا* وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا* ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا {نوح}.
وقد سبق في الفتويين رقم: 21708، ورقم: 109137 ، بيان ما تفعله مع أمثال هؤلاء الأبناء.
وعليك الاستمرار في نصحهم، ولا يرفع الوجوب عنك أنك دعوتهم ولم يستجيبوا، قال النووي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف، قال العلماء ـ رضي الله عنهم: ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكونه لا يفيد في ظنه، بل يجب عليه فعله، فإن الذكرى تنفع المؤمنين وقد قدمنا أن الذي عليه الأمر والنهي لا القبول. شرح صحيح مسلم.
واعلم أن استمرارك على مناصحتهم ـ ولو لم يستجيبوا ـ فيه أجر عظيم، ثم ما يدريك لعلهم يتقون، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
والله أعلم.