الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمنع الزكاة كبيرة من أكبر الكبائر، وذنب من أعظم الذنوب، وحسبك في التحذير منه وبيان خطره قول الله تعالى: يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ. {التوبة:35}. وقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه مسلم في صحيحه: مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ. والنصوص في هذا الباب كثيرة.
فعليك أيها الأخ بالتوبة النصوح إلى الله تعالى من منعك الزكاة هذه المدة، والندم الشديد على ما فرط منك من التقصير، وعليك أن تحسب مقدار ما وجب عليك من الزكاة في هذه السنين ثم تبادر بقضائه، فإنها دين في ذمتك وحق للفقراء في مالك فلا تبرأ إلا بقضائها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
فإن عجزت عن معرفة مقدار الواجب بيقين فعليك أن تتحرى، فتخرج من مالك ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك.
قال العلامة العثيمين رحمه الله فيمن أخر الزكاة سنين: هذا الشخص آثم في تأخير الزكاة، لأن الواجب على المرء أن يؤدي الزكاة فور وجوبها ولا يؤخرها، لأن الواجبات الأصل وجوب القيام بها فورًا، وعلى هذا الشخص أن يتوب إلى الله عز وجل من هذه المعصية، وعليه أن يبادر إلى إخراج الزكاة عن كل ما مضى من السنوات، ولا يسقط شيء من تلك الزكاة، بل عليه أن يتوب ويبادر بالإخراج حتى لا يزداد إثمًا بالتأخير. انتهى.
والله أعلم.