الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء هناك تفصيل في حكم بلع الصائم ما بقي من الطعام بين أسنانه، ففي بعض الحالات يفسد الصوم بذلك، وفي حالات أخرى لا يفسد.
جاء في الموسوعة الفقهية: ابتلاع ما بين الأسنان إذا كان قليلاً لا يفسد ولا يفطر، لأنه تبع لريقه ولأنه لا يمكن الاحتراز عنه، بخلاف الكثير فإنه لا يبقى بين الأسنان، والاحتراز عنه ممكن، والقليل: هو ما دون الحمصة، ولو كان قدرها أفطر. ومذهب زفر. وهو قول للشافعية: فساد الصوم مطلقاً، بابتلاع القليل والكثير، لأن الفم له حكم الظاهر، ولهذا لا يفسد صومه بالمضمضة، كما قال المرغيناني: ولو أكل القليل من خارج فمه أفطر فكذا إذا أكل من فمه، وللشافعية قول آخر بعدم الإفطار به مطلقاً، وشرط الشافعية والحنابلة لعدم الإفطار بابتلاع ما بين الأسنان شرطين: أولهما: أن لا يقصد ابتلاعه. والآخر: أن يعجز عن تمييزه ومجه، لأنه معذور فيه غير مفرط، فإن قدر عليهما أفطر، ولو كان دون الحمصة، لأنه لا مشقة في لفظه. والتحرز عنه ممكن.
ومذهب المالكية: عدم الإفطار بما سبق إلى جوفه من بين أسنانه، ولو عمداً، لأنه أخذه في وقت يجوز له أخذه فيه، كما يقول الدسوقي- وقيل: لا يفطر، إلا إن تعمد بلعه فيفطر، أما لو سبق إلى جوفه فلا يفطر. انتهى.
فإن كنت بلعت ما بين أسنانك وكان قليلاً لا يمكن التحرز منه فصيامك صحيح، وأما إن كان كثيراً يمكن التحرز منه وابتلعته بعمد عالمة بأنه مفطر فقد فسد صومك عند أكثر أهل العلم وهو الأحوط، ويلزمك صيام تلك الأيام التي تيقنت أنك ابتلعت فيها ما يمكن التحرز منه، وإذا كنت لا تعلمين عددها فالواجب عليك حسابها بالتحري فتقضين من الأيام ما يحصل لك معه غلبة الظن بأنك قد أبرأت ذمتك. أما إذا كنت جاهلة أن ذلك مفطر فإن كثيراً من العلماء يرى بأن ذلك عذر لا يفسد معه الصوم، كما صرح بذلك فقهاء الشافعية.
والله أعلم.