الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لهذا الأب غيرته على بنته وحرصه على أن تنشأ ملتزمة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينيه بها، وينبتها نباتاً حسناً. وهذه الطفلة التي لم تبلغ الخامسة لا حرج في مصافحة الرجال لها طالما كانت بغير شهوة. جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: فإن كان اللمس بغير شهوة وكان الصغير أو الصغيرة ممن لا يشتهى جاز لمسه عند الحنفية والحنابلة، سواء اتحد الجنس أم اختلف، لعدم خوف الفتنة في هذه الحال، وهو الأصح عند الشافعية، وبناء عليه تحل مصافحته ما دامت الشهوة منعدمة، لأنها نوع من اللمس فتأخذ حكمه، وقد صرح في الهداية بجواز مصافحة الصغيرة التي لا تشتهى.
وأما إذا بلغ الصغير أو الصغيرة حد الشهوة فحكمه من حيث اللمس كحكم الكبار. والمصافحة مثله، فيفرق فيها بين حالة اتحاد الجنس وحالة اختلافه كما تقدم بيانه، وذهب المالكية إلى أن الصغير ابن ثمان سنوات فأقل يجوز مسه وإن اختلف الجنس، فإن زاد عن هذه السن أخذ حكم الرجال في المس، وأما الصغيرة فإن لم تتجاوز سن الرضاع جاز مسها، وإن جاوزت سن الرضاع وكانت مطيقة -أي مشتهاة- حرم مسها، وإن لم تكن مطيقة فقد اختلف فيها.. انتهى.
ومن العلماء من نص على جواز لمس البنت دون السبع سنوات.
ففي الإنصاف للمرداوي: لا يحرم النظر إلى عورة الطفل والطفلة قبل السبع، ولا لمسها نص عليه -يعني: الإمام أحمد- ونقل الأثرم في الرجل يضع الصغيرة في حجره ويقبلها إن لم يجد شهوة فلا بأس. انتهى.
كما أن الظاهر من السؤال أن الطفلة المذكورة لا تعي الفرق بين المحارم والأجانب. وبناء على ما سبق فإنا نرى أن يؤجل الأب نهيه لها عن المصافحة إلى أن تصل إلى حد الاشتهاء، كما ننبه إلى أهمية الرفق واستعمال الأسلوب الحكيم في تنشئة الأولاد، والبدء بالأهم فالأهم وترتيب الأولويات.
والله أعلم.