الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أولاً إلى أن الأراضي التي قامت هيئة الإصلاح الزراعي بمصادرتها من ملاكها وتوزيعها ولم تقم الهيئة بدفع ثمنها لملاكها ويرضوا به عوضاً عنها، فهذه الأراضي لا تزال مغصوبة وتكون باقية على ملك صاحبها الأول، وإن تعاقبت عليها الأيادي، وتصرفات الغاصبين فيها تصرفات باطلة، ويجب على من آلت إليه هذه الأرض المغصوبة تسليمها لمالكها، وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 35109، 38801، 103603.
أما كيفية توزيع هذه الأرض إن كان يجوز الانتفاع بها؟ فالواجب النظر أولاً في وجه تمليك هذه الأرض من هيئة الإصلاح الزراعي للأشخاص المذكورين، فإن كان هذا التمليك على سبيل الهبة المجردة، فيجب الالتزام بما حددته الهيئة في هذا الشأن؛ لعموم ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي.
وعلى هذا يختص كل شخص من المذكورين بما وهب له، وإذا اتفق المذكورون على إلغاء القسمة المذكورة وأن تقتسموا بحسب الأنصبة الشرعية فالذي يظهر لنا أن هذا بمثابة الهبة بعضهم لبعض فلا يجوز الرجوع في مثل هذا الاتفاق إذا تحققت شروط نفاذ الهبة من أهلية الواهب، وقبض الموهوب له للهبة، وراجع شروط نفاذ الهبة في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 18923، 33868، 58686.
وننبهك إلى أن أمور النزاع لا يصح أن يعتمد فيها على فتوى، وإنما الواجب أن تعرض على المحكمة الشرعية المختصة لأنها هي المؤهلة للتحقيق في النزاعات، والبحث عن خفايا هذه الأمور، وهي التي يمكن أن ترد الحقوق إلى أصحابها، والذي ننصحكم به هو محاولة التراضي في هذا الأمر والحفاظ على صلة الرحم فيما بينكم.
والله أعلم.