الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشكر السائلة الكريمة ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنها. ولتعلمي أن الدعاء المذكور، حديثه صحيح، كما قال غير واحد من أهل العلم. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وغيرهم. ولا شك أنه دعاء عظيم فقد اختاره نبي الرحمة وشفيع الأمة صلى الله عليه وسلم، وهو من أوتي جوامع الكلم وأفصح من نطق بلغة الضاد، اختاره لأحب الناس إليه ـ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ـ عندما قالت له: يا رسول الله أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني.
فلا ينبغي استقلال هذا الدعاء أو الاستهانة به، لأن العفو والعافية لا يعدلهما شيء، فمن عفى الله تعالى عنه وعافاه سعد في الدنيا والآخرة، ولذلك فإن من أدعيته صلى الله عليه وسلم المأثورة التي كان يكثر منها: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي. رواه أبو داود. وقد جاءه عمه العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ فقال له: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله عز وجل قال: سل الله العافية، فمكث أياما ثم جاء، فقال: يا رسول الله: علمني شيئا أسأله الله تعالى، فقال: يا عباس يا عم رسول الله: سل الله العافية في الدنيا والآخرة. رواه الترمذي وغيره وصححه.
وليلة القدر لا يقتصر إحياؤها على الدعاء، فمن أهم ما ينبغي إحياؤها به الصلاة، وذلك لما في الصحيحين مرفوعا: من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وكذلك تلاوة القرآن وغيرها من أنواع القربات، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 12054.
والله أعلم.