الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في حرمة الصلاة في المساجد المبنية على القبور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.متفق عليه. والذي نراه في مسألتكم أنه ينبغي بذل الجهد في إخراج القبور من المسجد، ونقلها إلى مقابر المسلمين ولو عن طريق القضاء؛ لأن بقاءها ولو مندرسة سيؤدي إلى الصلاة عليها، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها. اهـ.
فإن تعذر ذلك، وكانت القبور مندرسة غير بارزة كما ذكرت ولم يمكن إزالتها بحال فنرجو أن لا حرج في الصلاة في ذلك المسجد، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز الصلاة في المساجد التي قبورها مندرسة غير ظاهرة للأمن من الفتنة بالقبر المندرس.
قال الألباني رحمه الله تعالى في تحذير الساجد من بدعة اتخاذ القبور مساجد في الرد على من زعم وجود قبور في الحجر في المسجد الحرام: القبور المزعوم وجودها في المسجد الحرام غير ظاهرة ولا بارزة ولذلك لا تقصد من دون الله تعالى فلا ضرر من وجودها في بطن أرض المسجد، العبرة في هذه المسألة بالقبور الظاهرة وأن ما في بطن الأرض من القبور فلا يرتبط به حكم شرعي من حيث الظاهر بل الشريعة تنزه عن مثل هذا الحكم، لأننا نعلم بالضرورة والمشاهدة أن الأرض كلها مقبرة الأحياء كما قال تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا {النبأ 25-26}. قال الشعبي: بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم.
ومن البين الواضح أن القبر إذا لم يكن ظاهرا معروفا مكانه فلا تترتب على ذلك مفسدة كما هو مشاهد، حيث ترى الوثنيات والشركيات إنما تقع عند القبور المشرفة حتى ولو كانت مزورة لا عند القبورالمندرسة ولو كانت حقيقة، فالحكمة تقتضي التفريق بين النوعين.اهـ. مختصرا.
والله أعلم.