الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا حرمة الخلوة بالأجنبية خادمة كانت أو غير خادمة، في الفتويين: 61277 ، 136456.
وقال القرطبي في المفهم: الخلوة بالأجنبية حرام بالاتفاق في كل الأوقات وعلى كل الحالات. اهـ.
وفي الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن الخلوة بالأجنبية محرمة. اهـ.
وهذا الحكم يشمل من يفوق الستين من الرجال وغيرهم.
ويبقى النظر في وجود أخت الخادمة معها وهل ينفي ذلك حكم الخلوة أم لا ؟ فقد اختلف أهل العلم في حكم خلوة الرجل مع أكثر من امرأة. فذهب الشافعية إلى تحريم خلوة الرجل بأكثر من امرأة إلا أن يكون محرما لإحداهن.
وذهب الأحناف إلى أن الخلوة تنتفي بوجود امرأة ثقة، وهذا يفيد جواز الخلوة بأكثر من امرأة، وعند الحنابلة تحرم خلوة الرجل مع عدد من النساء.
والصحيح كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 31014 جواز خلوة رجال بامرأة إن أمنت الفتنة والريبة من تواطئهم على الفاحشة، وكذلك جواز خلوة رجل بنسوة لعدم المفسدة غالبا، فإذا خشيت المفسدة لم يجز، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان. رواه مسلم.
قال النووي في المجموع: المشهور جواز خلوة رجل بنسوة لا محرم له فيهن؛ لعدم المفسدة غالبا؛ لأن النساء يستحيين من بعضهن بعضا في ذلك. اهـ.
وفي حاشية الجمل: يجوز خلوة رجل بامرأتين ثقتين يحتشمهما، وهو المعتمد. اهـ.
وعلى ذلك فإن كانت أخت الخادمة ثقة، وهي ممن يحتشم، وأمنت الفتنة والريبة والتواطؤ على الفساد، فلا بأس بهذه الخلوة، وإلا فلا.
والذي نراه أن يجتهد هذا الرجل في استخدام رجل بدلا من هذه المرأة، خروجا من الخلاف، واحتياطا للدين، وإزالة لأسباب الفتنة والريبة.
والله أعلم.