الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن لبس الخفين على طهارة جاز له الترخص بالمسح عليهما يوما وليلة إن كان مقيما، وثلاثة أيام بلياليهن إن كان مسافرا، فإن أصابت الخف نجاسة، فإن كانت في محل المسح أزالها ثم مسح، وإن كانت في باطن الخف صح مسحه قبل إزالتها ووجب غسلها إذا أراد الصلاة، قال في حاشية الروض: فإن كان طاهر العين وتنجس باطنه، صح المسح عليه، ويستبيح به مس المصحف، لا صلاة إلا بغسله أو عند الضرورة. انتهى.
وبه تعلم أن هذا الرجل كان يجب عليه أن يغسل النجاسة من خفيه ثم يصلي فيهما، أما وقد نزعهما ثم صلى، ففي صحة صلاته خلاف بين أهل العلم ينبني على خلافهم في بطلان الطهارة بنزع الخف، والقول ببطلانها هو مذهب الجمهور لكنهم اختلفوا، هل يجب إعادة الوضوء أو الواجب غسل الرجلين فقط؟ واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن الطهارة لا تبطل بنزع الخف، وهو قول الحسن البصري، كما نقله عنه الحافظ في الفتح.
جاء في الروض المربع مع حاشيته لابن قاسم: ومتى ظهر بعض محل الفرض ممّن مسح بعد الحدث بخرق الخف أو خروج بعض القدم إلى ساق الخف، استأنف الطهارة لأن مسح الخف أقيم مقام غسل الرجلين فإذا زال الساتر الذي جعل بدلا بطل حكم الطهارة، كالمتيمم يجد الماء، ولأن الانتقاض لا يتجزأ، وإن خرج منه شيء لسعة أو غيرها كخروج عقبه لم ينتقض إجماعا، وعنه يجزئ غسل قدميه وفاقا لأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي، وقال مالك: إن غسل رجليه مكانه صحت، وقال الشيخ: ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما على الصحيح من مذهب أحمد وقول الجمهور، واختار أنها لا تبطل كإزالة الشعر الممسوح عليه. انتهى.
وبهذا تعلم أن صلاة هذا الرجل صحيحة عند شيخ الإسلام ومن وافقه، وأما عند الجمهور فصلاته غير صحيحة وتجب عليه إعادتها لأنه كان يجب عليه أن يعيد الوضوء على قول أو يغسل رجليه على قول آخر بعد نزع خفيه، والأحوط له أن يعيد تلك الصلاة، وإن كان القول بعدم بطلان الطهارة في هذه الصورة قويا في الدليل، وانظر الفتوى رقم: 12368.
والله أعلم.