الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطلاق معلق على عدم تنازل الزوجة عن القضية المذكورة، فإن كان الزوج قد حدد أجلا لتنازلها ومضى الأجل ولم تتنازل، فالطلاق نافذ عند جمهور أهل العلم بمن فيهم المذاهب الأربعة، خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية القائل بلزوم كفارة يمين فقط كما تقدم في الفتوى رقم: 19162.
وإن لم يحدد هذا الزوج أجلا لتنازلها وأصدرت المحكمة حكما في المسألة، فقد وقع الطلاق وتُحسَب طلقة، وتبدأ العدة من وقت صدور الحكم وتعذر التنازل عن تلك القضية، ولا تحسب من وقت تعليق الطلاق، وإن كان تكريره لا يقصد به سوى التأكيد فإن الطلاق لا يتكرر عليه.
وإن كانت هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية فللزوج مراجعة زوجته قبل تمام عدتها، وتحصل بجماعها بعد الطلاق ولو لم ينو الرجعة عند بعض أهل العلم. وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 30719.
والعدة تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، أو وضع حملها إن كانت حاملا.
فإن انقضت عدتها قبل الرجعة فلا بد من تجديد عقد النكاح بأركانه من حضور ولي المرأة مع شاهدي عدل ومهر وصيغة دالة على عقد النكاح.
وإن لم يصدر حكم في المسألة فتبقى في عصمة زوجها حتى يتعذر تنازلها بصدور حكم في القضية أو موتها مثلا أو نحو ذلك.
قال ابن قدامة فى المغني: وإذا قال: إن لم أطلقك فأنت طالق . ولم ينو وقتا، ولم يطلقها حتى مات أو ماتت، وقع الطلاق بها في آخر أوقات الإمكان . وجملة ذلك أن حرف " إن " موضوع للشرط ، لا يقتضي زمنا ، ولا يدل عليه إلا من حيث إن الفعل المعلق به من ضرورته الزمان . وما حصل ضرورة لا يتقيد بزمن معين، ولا يقتضي تعجيلا، فما علق عليه كان على التراخي، سواء في ذلك الإثبات والنفي . فعلى هذا إذا قال: إن لم أطلقك فأنت طالق. ولم ينو وقتا ولم يطلقها كان ذلك على التراخي، ولم يحنث بتأخيره؛ لأن كل وقت يمكن أن يفعل ما حلف عليه فلم يفت الوقت. فإذا مات أحدهما علمنا حنثه حينئذ؛ لأنه لا يمكن إيقاع الطلاق بها بعد موت أحدهما، فتبين أنه وقع، إذ لم يبق من حياته ما يتسع لتطليقها. وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي. انتهى
والله أعلم.