الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسلام ركنٌ من أركان الصلاة عند الجمهور خلافاً للحنفية، وقول الجمهور هو الصواب لقوله صلى الله عليه وسلم: وتحليلها التسليم. رواه أبو داود ، فهو ظاهرٌ في أن المصلي لا يتحلل من صلاته إلا بالتسليم، فإذا تعمد المصلي الكلام قبل التسليم، فقد بطلت صلاته، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن. رواه مسلم.
فمن لحن في سلامه لحناً يُحيل المعنى، متعمداً فقد أبطل صلاته، لأنه أتى فيها بشيءٍ من كلام الناس قبل أن يتحلل منها، ولا ينفعه أن يأتي بالتسليم بعد هذا على وجه صحيح ، لأنه قد أبطل صلاته، فوجب عليه إعادتها، وإن كان هذا لا يكادُ يُتصور صدوره من مسلم عالم بأحكام الصلاة .
وأما من لحن في التسليم ساهياً ، فإن صلاته لا تبطل، فإن الراجح أن كلام الناسي لا يُبطل الصلاة ، لقوله تعالى : رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:186}، وقال الله في جوابها : قد فعلت .أخرجه مسلم.
وعليه أن يأتي بالتسليم على صورته الصحيحة، ويُشرع له في هذه الحال سجود السهو، قال النووي مُجملاً ما ذكرنا من الأحكام: أما حكم السلام فحاصله ان السلام ركن من أركان الصلاة، لا تصح إلا به، ولا يقوم غيره مقامه، وأقله أن يقول السلام عليكم، فلو أخل بحرف من هذه الاحرف لم يصح سلامه، فلو قال السلام عليك أو قال سلامي عليك أو سلام الله عليكم أو سلام عليكم أو السلام عليهم لم يجزه بلا خلاف، فان قاله سهوا لم تبطل صلاته ولكن يسجد للسهو وتجب إعادة السلام، وإن قاله عمدا بطلت صلاته إلا في قوله السلام عليهم فإنه لا تبطل الصلاة لأنه دعاء لغائب، وإن قال سلام عليكم بالتنوين فوجهان مشهوران. انتهى.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 40159.
والله أعلم.