الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحسنا فعلت حين تبت إلى الله تعالى من هذا الجرم العظيم ألا وهو الزنا، وفعله مع امرأة ذات زوج يجعله أشد إثماً، ولتكن توبتك هذه توبة نصوحاً تتوفر فيها شرائط التوبة والتي سبق بيانها في الفتوى رقم: 5450.
ولعلك تعي من هذا الفعل درساً تتعلم منه كيف أن الشيطان يقود المسلم إلى المعصية ليوقعه بعد ذلك في الحسرة والندامة، وغالباً ما يقود الشيطان الإنسان تدريجياً إلى الوقوع في الفاحشة، فيبدأ الأمر بنظرة خائنة مثلاً وينتهي بفعل الفاحشة، ولذا قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ. {النور:21}.
واجتهد في أن تهون على نفسك، وأن تستحضر أن رحمة الله ومغفرته لا يتعاظمهما ذنب، فأحسن الظن بربك فهو عند حسن ظن عبده به، واسأله أن يستر عليك في الدنيا والآخرة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 1882.
والواجب عليك أن تستر على نفسك ولا يلزمك الاعتراف بارتكاب الزنا ولو رفع أمرك إلى السلطان، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله.
ولو قدر أن سئُلت فيمكنك أن تنفي ذلك مستخدماً معاريض الكلام كأن تنفي أنك قد زنيت بها تعني أنك قد تبت من هذه المعصية.
ومن خان رجلاً في أهله وجب عليه أن يستسمحه، إن لم يترتب على ذلك مفسدة، وقال بعض العلماء بعدم وجوب ذلك مطلقاً، فإن أمكنك تحسين علاقتك مع زوج هذه المرأة ثم تستسمحه بعد ذلك من وجه عام فبها، وإن لم يمكن ذلك فاستغفر له وادع له بخير، وأكثر من عمل الصالحات.
قال صاحب كتاب تحفة الحبيب: ثم رأيت الغزالي قال فيمن خانه في أهله أو ولده أو نحوه: لا وجه للاستحلال والإظهار، فإنه يولد فتنة وغيظاً، بل تفزع إلى الله تعالى ليرضيه عنك. أقول: الأقرب ما اقتضاه كلام الغزالي. انتهى.
والله أعلم.