الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز إقامة هذه الوعدات ولا حضورها، ويجب على المسئولين منعها؛ وذلك لما يلي:
أولا: أن هذه الوعدات المذكورة إنما هي أعياد، ومن المتقرر في الشريعة أنه لا يشرع للمسلمين الاحتفال بأي عيد إلا عيدي الفطر والأضحى ؛ لما رواه أبو داود والنسائي وأحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر. فتعبير النبي عليه الصلاة والسلام بالإبدال يدل على عدم شرعية الاحتفال بأي عيد غيرهما.
وأما كونها أعيادا فيوضحه، أن العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد عائد إما بعود السنة، أو بعود الشهر، أو بعود الأسبوع. وعليه، فالعيد هو ما احتوى ثلاثة أمور:
الأول: يوم عائد أي متكرر. إما سنوياً أو شهرياً أو أسبوعياً.
والثاني: اجتماع فيه.
والثالث: أعمال تتبع ذلك من عبادات أو عادات.
وهذه الأمور متحققة في هذه الوعدات. كما أن تقييد إقامتها بأماكن دفن الأولياء، يجعلها بذلك جامعة بين العيد الزماني والعيد المكاني، فإن العيد كما يكون زمانيا، يكون أيضا مكانيا.
َقالَ اِبْن الْقَيِّم في إغاثة اللهفان: والعيد : ما يعتاد مجيئه وقصده من مكان وزمان: فأما الزمان فكقوله صلى الله عليه وسلم: يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى؛ عيدنا أهل الإسلام. رواه أبو داود وغيره.
وأما المكان فكما روى أبو داود في سننه أن رجلا قال : يا رسول الله إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة فقال : أبها وثن من أوثان المشركين أو عيد من أعيادهم قالا : لا قال : فأوف بنذرك وكقوله : لا تجعلوا قبري عيدا. والعيد مأخوذ من المعاودة والاعتياد، فإذا كان اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه وانتيابه للعبادة أو لغيرها، كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر جعلها الله تعالى عيدا للحنفاء ومثابة كما جعل أيام التعبد فيها عيدا، وكان للمشركين أعياد زمانية ومكانية، فلما جاء الله بالإسلام أبطلها وعوض الحنفاء منها عيد الفطر وعيد النحر وأيام منى، كما عوضهم عن أعياد المشركين المكانية بالكعبة البيت الحرام وعرفة ومنى والمشاعر. اهـ
ثانيا: أنها ذريعة للغلو في هؤلاء الأولياء، والعكوف على قبورهم، وارتكاب الأمور الشركية، من التبرك بقبورهم والتمسح بها، والطواف حولها ، وطلب المدد منهم ودعائهم من دون الله، وغير ذلك. وقد جاء الشرع بحماية جناب التوحيد وسد طرق الشرك.
وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم. صححه الألباني.
فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام ينهانا عن اتخاذ قبره عيدا فما بالك بمن هو دونه.
قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْح الْقَدِير : يؤخذ منه أن اجتماع العامة في بعض أضرحة الأولياء في يوم أو شهر مخصوص من السنة ويقولون هذا يوم مولد الشيخ ويأكلون ويشربون وربما يرقصون منهي عنه شرعا، وعلى ولي الشرع ردعهم على ذلك وإنكاره عليهم وإبطاله. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 119848، ورقم: 11618، وراجع أيضا في العرض الموضوعي لفتاوى الشبكة الفتاوى التي يتضمنها موضوع بدع الأيام أو الشهور.
والله أعلم.