الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب إحسان الظن بالمسلمين، وحمل ما يظهر من أقوالهم وأفعالهم على أحسن الوجوه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ.. {الحجرات 12}.
والأصل أننا نأخذ الناس بظواهرهم، ونكل سرائرهم إلى الله، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ. متفق عليه.
أمّا عن سؤالك، فما ذكرت عن هذه المرأة لا يظهر أنّ فيه إساءة إليك، وليس فيه ما يدعو للتباغض والتدابر، وما تجدينه في صدرك نحوها إنما هو من نزغات الشيطان، فاعلمي أن من أعظم مقاصد الشيطان إيقاع العداوة بين المسلمين وحصول التدابر والتباغض بينهم، ولذلك أرشد القرآن العباد أن يقولوا في تخاطبهم وتحاورهم الكلام الحسن الطيب حتى لا يدعوا مجالاً للشيطان ليفسد بينهم، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا {الإسراء:53}
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التدابر والتباغض، فعن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه مسلم.
أمّا عن كونك لا تفرحين لفرحها، فليس عليك في ذلك ذنب، لكن من كمال الإيمان أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه.
والذي ينبغي عليك أن تستعيذي بالله من نزغات الشيطان، وتحسني الظن بها وتعامليها بالمعروف، ومن أنفع ما يعينك على التخلص مّما تجدينه نحوها ألا تستسلمي لما يلقيه الشيطان في قلبك نحوها، وكلما وسوس لك الشيطان بسوء نحوها فقابلي ذلك بالدعاء لها بخير، فإن ذلك بإذن الله يردّ كيد الشيطان، كما أن عليك بمبادرتها بالكلام الطّيب ولو كان ذلك تكلفاً، قال الغزالي: بل المجاملة تكلّفا كانت أو طبعا تكسر سورة العداوة من الجانبين وتقلّل مرغوبها وتعوّد القلوب التآلف والتحاب وبذلك تستريح القلوب من ألم الحسد وغم التباغض. اهـ من إحياء علوم الدين
كما ننبه إلى أن مقابلة السيئة بالحسنة مما يوجد المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت: 34}
والله أعلم.