الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين ليلة الهجرة عندما تآمروا على قتله وحاصروا بيته مشهورة ومتداولة عند أهل السير والأخبار، فقد رواها ابن هشام بسنده ، وذكرها ابن كثير في سيرته.
وقال عنها ابن القيم في زاد المعاد: وأمر عليا أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، واجتمع أولئك النفر من قريش يتطلعون من صير الباب ويرصدونه، ويريدون بياته ويأتمرون أيهم يكون أشقاها، فخرج رسول الله عليهم فأخذ حفنة من البطحاء، فجعل يذره على رؤوسهم وهم لا يرونه وهو يتلو قول الله تعالى: وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ( يس 9 ) ومضى رسول الله إلى بيت أبي بكر، فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلا، وجاء رجل ورأى القوم ببابه، فقال: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا. قال: خبتم وخسرتم قد والله مر بكم وذر على رؤوسكم التراب. قالوا: والله ما أبصرناه، وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم، وهم أبو جهل والحكم بن العاص وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وأمية بن خلف وزمعة بن الأسود وطعيمة بن عدي وأبو لهب وأبي بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج. فلما أصبحوا قام علي عن الفراش فسألوه عن رسول الله فقال: لا علم لي به.
وفيها يقول صاحب قرة الأبصار في باب معجزاته صلى الله عليه وسلم :
وإذ أتى الفجار نحو الباب * لقتله فقام بالتراب
وذره على رؤوس القوم * فسقطت أذقانهم بالنوم
وقال شاهت الوجوه ودعا * فمن أصابه ببدر صرعا
وقد علق الشيخ شعيب الأرناؤوط على ذر الرسول صلى الله عليه وسلم التراب على رؤوس المشركين ليلة الهجرة بقوله: إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أن في يحيى بن سليم كلاما يحطه عن رتبة الصحيح.
والله أعلم .