الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي أن تعلمي أن العلماء قد اختلفوا في إجزاء البقر في العقيقة، فأكثرهم على الإجزاء، وذهب جماعةٌ من أهل الحديث إلا أنه لا بد من ذبح الشياه للأخبار الواردة في ذلك، وراجعي فتوانا رقم: 15288.
واختلف الجمهور القائلون بالإجزاء، فذهب أحمدُ إلى أن البقرة والبدنة لا تُجزيء إلا عن الواحد، وذهب الشافعيةُ إلى أن العقيقة يجوزُ فيها ما يجوز في الأضحية، فيجوزُ اشتراك السبعة في البدنة والبقرة، وقول الشافعيةَ أقيس، وعلى هذا فلا بأس من العقيقة ببقرةٍ عن ابنكما وابنتكما، وأما اشتراككِ معهما في العقيقة بغيرِ إذن زوجك فلا يجوزُ بحال؛ لأنه يكونُ غصباً والحالُ هذه، فالبقرةُ مملوكةٌ له، لا يجوزُ التصرف فيها إلا بإذنه، وأما إذا أذن لكِ في أن تشركي نفسكِ مع ولديكِ، فهذه المسألة مُختلفٌ فيها بين أهل العلم. وهي هل يُستحبُ للكبير أن يعق عن نفسه إذا لم يكن والده قد عق عنه؟
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وإن لم يعق أصلا، فبلغ الغلام وكسب، فلا عقيقة عليه. وسئل أحمد عن هذه المسألة فقال : ذلك على الوالد. يعني لا يعق عن نفسه؛ لأن السنة في حق غيره.
وقال عطاء والحسن: يعق عن نفسه؛ لأنها مشروعة عنه، ولأنه مرتهن بها، فينبغي أن يشرع له فكاك نفسه. ولنا أنها مشروعة في حق الوالد، فلا يفعلها غيره كالأجنبي وكصدقة الفطر. انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه: والقول الأول أظهر، وهو أنه يستحب أن يعق عن نفسه؛ لأن العقيقة سنة مؤكدة، وقد تركها والده فشرع له أن يقوم بها إذا استطاع ذلك لعموم الأحاديث ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى. أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه بإسناد صحيح ، ومنها : حديث أم كرز الكعبية عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمر أن يُعق عن الغلام بشاتين وعن الأنثى شاة. أخرجه الخمسة ، وخرج الترمذي وصحح مثله عن عائشة. وهذا لم يوجه إلى الأب فيعم الولد والأم وغيرهما من أقارب المولود. انتهى من مجموع فتاوى الشيخ ابن باز.
وفي المسألة حديثٌ يرويه الطبراني عن أنس وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد البعثة وصححه الألباني رحمه الله، ولكن جمهور المحدثين على ضعفه، وانظري الفتوى رقم: 74690.
وعلى هذا فيجوزُ لكِ أن تعقي عن نفسك إذا ملكك زوجك سُبع هذه البقرة، فتشتركي مع ولديكِ في العقيقة، وأما بغير إذنه فلا، كما قدمنا.
والله أعلم.