الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمذهب جمهور العلماء أن الزكاة تجب في عين المال، ومناط وجوب الزكاة هو ملك النصاب وحولان الحول، فمتى ملك المسلم نصاباً وحال عليه الحول وجبت عليه زكاته غنياً كان أو فقيراً، واستثنى فقهاء الحنفية ما يدخره لحاجاته الأصلية من مأكل ومشرب وملبس ونحوها، فقالوا: إنه لا تجب الزكاة فيه.
والجمهور على خلاف ذلك وأن من ملك نصاباً وجبت عليه زكاته ولو كان فقيراً، ولا يمنع استحقاقه للزكاة من وجوبها عليه، فقد فرقوا بين الغنى الموجب للزكاة والغنى المانع من الأخذ منها، فالغنى الموجب للزكاة عند مالك والشافعي وأحمد هو ملك النصاب.
قال ابن قدامة في الكافي: الشرط الرابع: الغنى بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم. متفق عليه. ولأن الزكاة تجب مواساة للفقراء فوجب أن يعتبر الغنى ليتمكن من المواساة والغنى المعتبر ملك نصاب خال عن دين. انتهى.
وأما الغنى المانع من أخذ الزكاة فهو وجود الكفاية سواء ملك نصاباً أم لا، قال الخطابي: قال مالك والشافعي: لا حد للغنى معلوم، وإنما يعتبر حال الإنسان بوسعه وطاقته، فإذا اكتفى بما عنده حرمت عليه الصدقة، وإذا احتاج حلت له. قال الشافعي: قد يكون الرجل بالدرهم غنيًا، مع كسب، ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه، وكثرة عياله. انتهى.
ويرى الحنفية أن الغنى في البابين واحد وأن من ملك نصاباً لم يجز له الأخذ من الزكاة لأنه صار بذلك غنياً، والراجح قول الجمهور، وبهذا تعلم أن إخراج زكاة مالك واجب عليك ما دام قد بلغ نصاباً وحال عليه الحول، ولا يتنافى هذا من جوار أخذك من مال الزكاة إن كنت مستحقاً لها.
والله أعلم.