الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان تأخركم عن أداء الصلاة يؤدي إلى خروجِ وقتها بالكلية فهذا منكرٌ عظيم وذنبٌ من كبائر الذنوب، بل ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من تعمد إخراج الصلاة عن وقتها، فيجبُ عليكم التوبة من هذا الذنب والحرصُ فيما يُستقبل على فعل الصلاة على وقتها؛ لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء 103}
وإذا كان لكم عذرٌ يُبيحُ الجمع جاز لكم الترخص بهذه الرخصة، وقد بينا الأعذار المبيحة للجمع في الفتوى رقم: 6846.
وأما إذا كان مُرادك بالتأخر بأداء الصلاة هو التأخر عن فعلها في أول الوقت فهذا لا إثمَ فيه؛ لأن أداء الصلاة في أول الوقت مُستحب وليس بواجب، ولكن الحرصُ على الصلاةِ في المسجد -إن وجد- في أول الوقت فيه خيرٌ عظيم.
وأما تقديمُ الطعام على الصلاة إذا كنتم مُحتاجين إليه، وكانت قلوبكم تتشوش بتركه فهو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قُدم العشاء فابدؤا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم. متفقٌ عليه.
لكن شرطُ ذلك ألا يؤدي إلى تفويت الوقت، فإن الانشغال بالطعامِ عُذرٌ في ترك الجماعة، لا في إخراج الصلاة عن وقتها. قال في حاشية الروض: ولا يُرخص في غير ترك الجماعة ، فأما الوقت فلا يرخص بذلك في تفويته عند جمهور أهل العلم ونص عليه أحمد وغيره. انتهى.
فإذا توضأتما والطعامُ حاضر فتناولا الطعام ما دام في الوقت مُتسعٌ لفعل الصلاة، فإذا خشيتما خروج الوقت فبادرا بفعل الصلاة.
وأما أيهما أولى الصلاةُ في أول الوقت منفرداً أو بعد خروج وقت الفضيلة في جماعة، فاعلم أن الصلاة في جماعةٍ ولو بعد فوات أول الوقت أولى. قال البُهوتي في الروضة: وتقدم الجماعة مطلقاً على أول الوقت. قال ابن قاسم في الحاشية: يعني سواء سُن تعجيل تلك الصلاة أو لا، كثرت الجماعة أو قلت. ذكره الموفق وغيره. وقال في الفروع: ذكره في كتب الخلاف وغيرهم، لأنها واجبة، وأول الوقت سنة، ولا تعارض بين واجبٍ ومسنون. انتهى.
أما إذا أدى انتظارك لصاحبك إلى خروج وقت الصلاة بالكلية فلا يجوز ذلك، ويجب عليك حينئذ أداء الصلاة في وقتها ولو منفردا.
والله أعلم.