الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان الواجب عليك أن تسعى في إثبات حقوق الشركة بدون الكذب أو اليمين الكاذبة، وكان يمكنك استخدام المعاريض أو التورية، أما الإقدام على الكذب الصريح والحلف على ذلك فهو جائز إذا تعين سبيلاً للحصول على الحق ولم يمكن استخدام المعاريض والتورية، ويجب أن يكون ذلك في أضيق الحدود.
قال الإمام النووي في رياض الصالحين: فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً كان الكذب مباحاً، وإن كان واجباً كان الكذب واجباً، فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله وأخفى ماله وسئل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه وكذا لو كان عنده وديعة وأراد ظالم أخذها وجب الكذب بإخفائها والأحوط في هذا كله أن يوري ومعنى التورية أن يقصد بعبارته مقصوداً صحيحاً ليس هو كاذباً بالنسبة إليه وإن كان كاذباً في ظاهر اللفظ، وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب ولو ترك التورية وأطلق عبارة الكذب فليس بحرام في هذا الحال. انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: اعلم أن الكذب قد يباح وقد يجب، والضابط كما في الإحياء أن كل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً. فالكذب فيه حرام، وإن أمكن التوصل بالكذب وحده فمباح إن أبيح تحصيل ذلك المقصود، وواجب إن وجب تحصيل ذلك. انتهى.
فإن كان الوصول إلى الحق ممكناً بغير الكذب فقد أذنبت فيما فعلت وعليك المبادرة إلى التوبة والاستغفار، وإن كان ذلك متعيناً للوصول إلى الحق فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى، ونسأل الله عز وجل أن يهديك ويصلح لك شأنك كله.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39152، 110625، 111035، 115358.
وراجع في بيان اليمين الغموس وحكم الكفارة فيها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7228، 7258، 34211، 50626.
والله أعلم.