الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فظاهر الحال أنك غير جازم بخروج شيء منك، وما دام الأمر كذلك فصلاتك صحيحة لا يلزمك إعادتها، فإن الأصل صحة الصلاة وهذا يقين، واليقين لا يزول إلا بيقين مثله، فما لم يحصل لك يقين تحلف عليه -كما قال ابن المبارك- بأنه قد خرج منك شيء فعليك أن تسد باب الوسوسة، وتكتفي بهذا الأصل الذي هو صحة الصلاة، وليس المرد إلى سماع الصوت أو وجدان الريح، وإن كان هو المنصوص عليه في الحديث، ولكن المرد إلى حصول اليقين بانتقاض الطهارة.
فعن عباد بن تميم عن عمه قال: شكي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً. رواه الجماعة إلا الترمذي. قال النووي: معناه: يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين، وقال أيضاً: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الدين، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى.
فإذا حصل لك هذا اليقين لزمتك إعادة الصلاة، ولا يلزم أن تخبر من صليت به؛ لأن صلاته صحيحة ما دام أنه اقتدى بك وهو لا يعلم بطلان صلاتك، فقد صح أن عمر صلى بالناس ثم ذكر أنه جنب، فاغتسل وأعاد الصلاة، ولم يأمر الناس بالإعادة.
والله أعلم.