الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أولا أن الله تعالى لا يؤاخذ الإنسان بمجرد الخواطر التي ترد على قلبه ما لم يترتب عليها قول أو عمل، روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاوز الله لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل به.
وعلى هذا فإن كانت هذه الأمور مجرد خواطر تنتاب قلبك فإنها لا تضرك، ولكن يجب عليك مدافعتها لئلا تستقر في قلبك، فيترتب عليها ما لا تحمد عقباه، وننصحك بكثرة الدعاء وسؤال الله تعالى أن يصرف عنك هذه الخواطر، وإن كراهيتك لهذه الخواطر دليل بإذن الله تعالى على إيمانك كما بينا في الفتوى: 12300، والفتوى: 28751.
ويجب على المسلم والمسلمة التسليم لأحكام الشرع ولو لم تظهر له الحكمة منها، وأما السؤال استفهاما عن الحكمة ليزداد المسلم يقينا وطمأنينة فلا بأس بذلك.
وأما قوامة الرجل على المرأة فهي ليست قوامة تسلط بل جعلها الله تعالى لتنظيم شأن الأسرة المسلمة. ولمزيد الفائدة حول حكمة القوامة راجعي الفتويين: 16032، 18814.
ولا يصح ما ذكرت من كون الرجل له التحكم في كل تصرفات زوجته، بل إن طاعة المرأة زوجها لها حدود معينة، وقد سبق بيان ذلك بالفتوى: 64358، ولمعرفة حكمة تعدد الزوجات راجعي الفتوى: 94092.
وأما بخصوص أمر العدة فلا شك في عظم حق الوالدين، ولكن من الأسباب الأساسية التي شرعت لأجلها عدة الوفاة التأكد من براءة الرحم، وهذا إنما يكون في إحداد المرأة على زوجها. قال ابن القيم في إعلام الموقعين وهو يبين الحكمة من جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا: وكانت أربعة أشهر وعشرا على وفق الحكمة والمصلحة إذ لا بد من مدة مضروبة لها، وأولى المدد بذلك المدة التي يعلم فيها بوجود الولد وعدمه فإنه يكون أربعين يوما نطفة ثم أربعين علقة، ثم أربعين مضغة، فهذه أربعة أشهر، ثم ينفخ فيه الروح في الطور الرابع، فقدر بعشرة أيام لتظهر حياته بالحركة إن كان ثم حمل.. اهـ وراجعي الفتوى: 28431، ثم إن الشرع قد أباح للمرأة أن تحد على غير الزوج وحدد ذلك بثلاثة أيام، وقد بينا هذا بالفتوى: 46104.
والله أعلم.