الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجواب على سؤالك من أوجه:
الأول: أن الدعاء عبادة لقوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}
وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح: الدعاء هو العبادة، ثم قرأ رسول الله الآية.
وإذا كان كذلك وجب التعبد لله بالدعاء حتى ولو لم تتوفر الأسباب المادية الظاهرة، فقد ظل زكريا وإبراهيم يدعوان الله في رزق الولد حتى أخذهم الكبر وانقطعت الأسباب المادية الظاهرة، ثم استجاب الله تعالى لهما ووهبهما الذرية الصالحة.
الثاني: أن الدعاء دافع للبلاء جالب للخيرات والأرزاق، فقد ثبت في الأحاديث البالغة حد التواتر استعاذة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرور والفتن والأمراض، وثبت أنه دعا في الاستسقاء فنزلت الأمطار الكثيرة المباركة، وثبت أنه دعا لأحد أصحابه بالبركة فرزق ذلك في تجارته وفي صفقة يمينه.
فكل هذه الأحاديث تدل على أن الدعاء يزيد في الرزق لأن الله تعالى وعد من دعاه بالإجابة، وكفى برسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة. أما التوغل في السؤال عن الكيفيات مع أن الرزق مقدور ثابت في اللوح فلم يكن من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة، بل دعوا كما أمرهم الله ولم يتكلفوا ما لم يكلفهم الله.
الثالث: وأما ما فائدة العمل إذا كان الرزق مقدرا كالأجل فالجواب أن الله عز وجل قدر المقادير بأسبابها فالأخذ بالأسباب لا ينافي القدر ثم هذا السؤال لا يقوله عاقل ولا متبع. أما العاقل فهاهم العقلاء في العالم أجمع يسعون ويعملون ويدركون ضرورة أنه لا يمكن أن يرزق العبد إلا بالسعي والعمل وإلا هلك ثم هم مع ذلك يدركون أنه ليس كل من يسعى يرزق ويصل إلى ما سعى إليه.
وأما المتبع فلأن هذا السؤال لم يسأله محمد صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه فلا نسأله إنما نحن مكلفون بالسعي والعمل فقط بلا تكلف أو تعنت أو بحث عما لا يفيد.
الرابع: أما فائدة السعي مع تقدير الشقاوة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما سئل: ما العمل يا رسول الله ، فقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له. فهذا جواب محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو شريعة نجيب بها: اعمل فأنت ميسر لما خلقت له.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 78470، 9890، 35295، 64404، 62466.
والله أعلم.